للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"يقتص للخلق بعضهم من بعض حَتَّى للجماء من القرناء، وحتى للذرة من الذرة" (١). ورواته رواة الصحيح.

وأخرج الإمام أحمد أيضًا عن أبي هريرة رَضي اللهُ عَنْهُ، عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "ليختصمن كلّ شيء يومَ القيامةَ حَتَّى الشاتان فيما انتطحتا" (٢) وإسناده حسن، ورواه أيضًا هو، وأبو يعلى عن أبي سعيدٍ (٣). إذا علمت ذلك تبين لك أن حشرَ البهائم حقٌ.

وقد جرى بين العلماء في ذلك نزاع، وها نحن نذكر طرفًا مِنْ ذلك مبرهنين، ومحققين على ما نعتمد عليه إنْ شاء الله تعالى. قال ابن دحية (٤) في كتابه "الآيات البينات" (٥): اختلف النَّاسُ في حشرِ البهائم، وفي جريان القْصاصِ بينها، فقال الشيخ أبو الحسن الأشعري (٦): لا تجوز المقاصة بين البهائم لأنَّها غيرُ مكلفةٍ، وما ورد في ذلك من الأخبارِ نحو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يقتص للجماء من القرناء ويسأل العود لم خدش العود". فعلى سبيل المثل، والإخبار عن شدة التقصي في


(١) رواه أحمد ٢/ ٣٦٣، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (١٩٦٧) وقال: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.
(٢) رواه أحمد ٢/ ٣٩٠ وسنده ضعيف، ويغني عنه ما سبقه.
(٣) رواه أحمد ٣/ ٢٩، وأبو يعلى (١٤٠٠)، وأورده الهيثمي في "المجمع" ١٠/ ٣٤٩، وقال: رواه أبو يعلى وأحمد بنحوه، وإسناده حسن.
(٤) هو أبو الخطاب عمر بن الحسن ابن دحية الكلبي الأندلسي المتوفى سنة ٦٣٣ هـ ترجمته "سير أعلام النبلاء" (٢٢/ ٣٨٩).
(٥) ص (٢٨٦).
(٦) هو أبو الحسن على بن إسماعيل الأشعري اليماني المتوفى سنة ٣٢٤ هـ.