للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اشتد الزحام، ونطق أعضاؤك بما لممت به في غابر الأيام، فيا لها من ساعة ما أفظعها، وهتيكة ما أشنعها، شهدت عليك أعضاؤك بما عملت من الجرائم، ونطقت بذلك أبعاضك بما فعلت من المظالم، وانتهكت من المحارم، فهذه لعمري الحسرة العظيمة، والمصيبة الجسيمة، وأنشدوا:

خليلي ما أقضي وما أنا قائل ... إذ جئت عن نفسي (١) بنفسي أجادل

وقد وضع الرحمنُ في الحْشرِ عدله ... وسِيق جميع النَّاسِ واليوم باسل (٢)

وجيء بجرم النار خاضعة له ... وتلت عروس عندها ومجادل (٣)

فيا ليت شعري ذلك اليوم هل أنا ... أسامح أم أجزى بما أنا فاعل

فإن أك مجريا فعدل وحجة ... وإن يك غفران ففضل ونايل

فيا خير مأمول ويا خير راحم ... ويا خير من ترجى لديه الوسائل

تعطف على العاصين واغفر ذنوبهم ... فعفوك مأمول وجودك شامل

وصل على خير الأنام محمّد ... صلاة [بها] تعطيه ما هو آمل

وقُلْتُ في المعنى:

كَفَى حسرة يا نَفْس لو كُنت تعْلمي ... شهادة أعضائي بما كنت تجرمي

ونادى منَاد الحق ها أنت شاهد ... عليك وقد ختم العظيمُ على فمي


(١) ورد في هامش الأصل: عن نفسِ: أي: ذاتي أجادل: أي: أسعى في خلاصها لا يهمني غيرها.
(٢) ورد في هامش الأصل: باسل: أي: بطل وشجاع.
(٣) ورد في هامش الأصل: المجادل: جمع مِجْدَل: القصر. والمراد بالعروس: الجنة، وبالمجادل: قصورها.