للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن مسعود: إنّ المؤمن يبقى عليه خطايا يجازى بها عند الموت، فيعرق لذلك جبينه (١). وقال سفيان: كانوا يستحبون العرق للموت (٢).

ومن ثم قال علقمة لبعض أصحابه: احضرني فلقّنّي لا إله إلا الله، فإن عرق جبيني فبشّرني. قال بعض العلماء: وإنما يعرق جبينه حيَاء من ربه لما. اقترف من مخالفته؛ لأنّ ما سفل منه قد مات، وإنما بقيت منه قوة الحياة وحركاتها فيما علا، والحياء في العينين. والكافر في عمى عن هذا كله. والموحد المعذب في شُغل عن هذا بالعذاب، الذي قد حلّ به.

وأخرج الإمام أحمد في "الزهد"، وابن أبي شيبة في "مسنده"، وابن أبي الدنيا عن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تحدثوا عن بني إسرائيل فإنه كان فيهم أعاجيب". ثم أنشأ يحدثنا قال: "خرجت طائفة منهم فأتوا مقبرة من مقابرهم فقالوا: لو صلينا ركعتين ودعونا الله يُخرج لنا بعض الأموات يخبرنا عن الموت، ففعلوا فطلعَ رجل أسود اللون، بين عينيه أثر السجود، ققال: يا هؤلاء ما أردتم إليّ لقد مت منذ مائة سنة فما سكنت عني حرارة الموت حتى الآن، فأدعوا الله أن يعيدني كما كنت.

وأخرج الإمام أحمد في الزهد عن عمر بن حبيب أن رجلين من بني إسرائيل عبدا حتى سئما العبادة فقالا: لو خرجنا إلى القبور فجاورناها لعلنا أن نراجع، فجاؤوا إلى القبور، فعبدا اللَّه فنشر لهما


(١) "نوادر الأصول" ١/ ٥٢٤، وعزاه السيوطي في "شرح الصدور" لسعيد بن منصور، والمروزي في "الجنائز".
(٢) "مصنف أبي شيبة" ٣/ ٤٨.