ولا يوجد من نقل من يوثق به: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إما أن تجعل صلاتك معي، وإما أن تخفف بالقوم". وهذا لفظ منكر لا يصح عن أحد يحتج بنقله، ومحال أن يرغب معاذ عن صلاة الفريضة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصلاته مع قومه وهو يعلم فضل ذلك وفضل صلاة الفريضة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفه - صلى الله عليه وسلم -. والدليل على صحة هذا التأويل أيضًا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلَّا المكتوبة". فهي أصحابه وسائر أمته أن يشتغلوا بنافلة إذا أقيمت المكتوبة. فكيف يظن بمعاذ أن يترك صلاة لم يصلها بعد ولم يقض ما افترض عليه في وقتها، ويتنفل، وتلك الصلاة تقام في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو - صلى الله عليه وسلم - قد قال لهم: لا صلاة إلَّا المكتوبة التي تقام. وقد روى ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن جابر أن معاذًا كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم ينصرف إلى قومه فيصلي بهم، هي له تطوع ولهم فريضة. وهذا نص في موضع الخلاف. (١) قال ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في الاستذكار (٥/ ٣٨٧). قال مالك وأصحابه: لا يجزي أحد أن يصلي الفريضة خلف المتنفل، ولا يصلي عصرًا خلف من يصلي ظهرًا، ومتى اختلفت نية الإِمام والمأموم في الفريضة بطلت صلاة المأموم دون الإِمام، وكذلك من صلَّى فرضه خلف المتنفل. اهـ.