للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون المصلي إمامًا أو غيره، فإن كان إمامًا فلا يخلو أن يصلي إلى سترة أو إلى غير سترة، فإن كان إلى سترة فهي سترة لمن وراءه، فالمرور وقع في هذا الحديث بين يدي بعض الصف لا كله، والإِمام سترة للكل فلا يضر، وإن كان إلى غير سترة فالأكثرون من الفقهاء على أنه لا تفسد الصلاة بمرور شيء بين يديه، وظاهر هذا الحديث يدل عليه لقوله: "بغير جدار" (١)، ولو كان ثم سترة غيرها من غيره لذكرها، وإن كان لا يلزم [من عدم الجدار عدم [السترة] (٢) لأنه


(١) قال ابن حجر في الفتح (١/ ١٧١): على قوله: "إلى غير جدار" أي إلى غير سترة، قاله الشافعي. وسياق الكلام يدل على ذلك. لأن ابن عباس أورده في معرض الاستدلال على أن المرور بين يدي المصلي لا يقطع صلاته. ويؤيده رواية البزار بلفظ "والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي المكتوبة ليس لشىء يستره".
وقال (١/ ٧٥١): بعد ذكر كلام الشافعي ثم قال، قال بعض المتأخرين: قوله: "إلى غير جدار" لا ينفي غير الجدار إلَّا أن إخبار ابن عباس عن مروره بهم وعدم إنكارهم لذلك مشعر بحدوث أمر لم يعهدوه. فلو فرض هناك سترة أخرى غير الجدار لم يكن لهذا الإِخبار فائدة، إذ مروره حينئذ لا ينكره أحد أصلًا، وكأن البخاري حمل الأمر في ذلك على المألوف المعروف من عادته - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يصلي في الفضاء إلَّا والعَنَزَة أمامه. ثم أيد ذلك بحديثي ابن عمر وأبي جحيفة. وفي حديث ابن عمر ما يدل على المداومة، وهو قوله بعد ذكر الحربة: "وكان يفعل ذلك في السفر"، وفي هذا الحديث فوائد، وهي أنه سترة الإِمام سترة لمن خلفه، كما ذكره النووي لشرحه لمسلم.
(٢) في الأصل كلمة غير واضحة، والتصحيح من ن د.

<<  <  ج: ص:  >  >>