قال ابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ٢٢٣ - ٢٢٩) بعد كلام سبق: فإن قيل: كيف يصح الاحتجاج بحديث ابن مسعود في تحريم الكلام في الصلاة بمكة وزيد بن أرقم رجل من الأنصار يقول: كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)} قال أبو عمر: زيد بن أرقم أنصاري، وسورة البقرة مدنية. اهـ. وجنح آخرون إلى الترجيح فقالوا: يرجح حديث ابن مسعود بأنه حكى لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلاف زيد بن أرقم فلم يحكه. وقال آخرون: إنما اراد ابن مسعود رجوعه الثاني. وقد ورد أنه قدم المدينة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يتجهز إلى بدر. وفي "مستدرك الحاكم" من طريق أبي إسحاق: عن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاشي ثمانين رجلًا. فذكر الحديث بطوله. وفي آخره فتعجَّل عبد الله بن مسعود فشهد بدرًا، وفي "السير" لابن إسحاق إن المسلمين بالحبشة لما بلغهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هاجر إلى المدينة رجع منهم إلى مكة ثلاثة وثلاثون رجلًا، فمات منهم رجلان بمكة، وحبس منهم سبعة وتوجه إلى المدينة أربعة وعشرون. فشهدوا بدرًا، فعلى هذا كان ابن مسعود من هؤلاء، فظهر أن اجتماعه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد رجوعه كان بالمدينة، وإلى هذا الجمع نحا الخطابي، ويُقوي هذا الجمع رواية كلثوم (عند النسائي ٣/ ١٨)، فإنها ظاهرة في أن كلًّا من بن مسعود وزيد بن أرقم حكى أن الناسخ قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)}، وأما قول ابن حبان (٦/ ٢٦): كان نسخ الكلام بمكة قيل الهجرة بثلاث سنين. قال: =