للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تأويل قوله: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} (١) وقد تأوله بعضهم بأن قال: إن الإِشارة في قوله: "ذلك" راجعة إلى الثواب المترتب على الأعمال، الذي به يحصل التفضيل عند الله فكأنه قال ذلك الثواب الذي أخبرتكم به، لا يستحقه الإِنسان بحسب الأذكار، ولا بحسب إعطاء الأموال وإنما هو فضل الله يؤتيه من يشاء.

وقال الشيخ تقي الدين (٢): ظاهر الحديث تفضيل الأغنياء بزيادة القربات المالية، قال: قال وبعض الناس تأول قوله: "ذلك

فضل الله يوتيه من يشاء" بتأويل مستكره يخرجه عن الظاهر والذي يقتضيه الأصل تساويهما -وحصول الرجحان بالعبادات المالية-

فيكون الغنى أفضل، وذلك غير مشكوك فيه. والذي يقع النظر فيه إذا تساويا في أداء الواجب فقط وانفرد كل واحد بمصلحة ما هو فيه، من الصبر أو الشكر فإن كلاًّ منهما متعبد به وإذا تقابلت المصالح ففي ذلك نظر، ترجع إلى تفسير الأفضل. فإن فسر بزيادة الثواب، فالقياس يقتضي أن المصالح المتعدية أفضل من القاصرة، وإن فسر بالأشرف بالنسبة إلى صفات النفس، فالذي يحصل للنفس من التطهير للأخلاق، والرياضة لسوء الطباع [بسبب] (٣) الفقر أشرف. فيترجح الفقر. قال: ولهذا المعنى ذهب الجمهور من الصوفية إلى ترجيح الفقير الصابر، لأن مدار الطريق على تهذيب النفس ورياضتها. وذلك مع الفقر أكثر منه مع الغنى، فكان أفضل بمعنى


(١) سورة الجمعة: آية ٤.
(٢) انظر: إحكام الأحكام (٣/ ٨٣).
(٣) في ن د (تسبب)، وما أثبت يوافق إحكام الأحكام.

<<  <  ج: ص:  >  >>