(١) قال شيخ الإِسلام: يصلي الإِمام ويصلي خلفه جميع الحجاج، أهل مكة وغيرهم قصرًا وجمعًا، كما جاءت بذلك الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مذهب أهل المدينة وأحد الأقوال في مذهب الشافعي وغيره، ومن قال لا يجوز القصر إلَّا لمن كان منهم على مسافة القصر، فهو مخالف للسنَّة، وقال: ويصلى بعرفة ومزدلفة ومنى قصرًا، ويقصر أهل مكة، وغير أهل مكة، وكذلك يجمعون الصلاة بعرفة ومزدلفة، وكذلك كانوا يفعلون خلف أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا خلفاؤه أحدًا من أهل مكة أن يتموا الصلاة، ولا قالوا لهم بعرفة ومزدلفة ومنى: أتموا الصلاة فإنا قوم سفر، ومن حكى ذلك عنهم فقد أخطأ، وغلط غلطًا بينًا، ووهم وهمًا قبيحًا، وقال قولًا باطلًا، باتفاق أهل الحديث، ولكن المنقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال ذلك في غزوة الفتح، لما صلى بهم بمكة، وأما في حجه فإنه لم ينزل بمكة، ولكن كان نازلًا خارج وهناك كان يصلي بأصحابه، ثم لما خرج إلى مني وعرفة، خرج معه أهل مكة وغيرهم، ولما رجع من عرفة رجعوا معه، ولما صلَّى بمنى أيام مني صلوا معه، ولم يقل لهم: "أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر" ولم يحدد النبي - صلى الله عليه وسلم - السفر بمسافة، ولا بزمان وفيه أوضح دليل على أن سفر القصر، لا يتحدد بمسافة معلومة، ولا بأيّام معلومة. اهـ، نقلًا من حاشية التونسي لابن قاسم (٤/ ١٣٢).