(٢) قال ابن حجر في الفتح (١/ ٤٦٥): ذهب جماعة إلى أنه لم يكن قبل الإِسراء صلاة مفروضة إلَّا ما كان وقع الأمر به من صلاة الليل من غير تحديد، وذهب الحربي إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وذكر الشافعي عن بعض أهل العلم أن صلاة الليل كانت مفروضة ثم نسخت بقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}، فصار الفرض قيام بعض الليل، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس، واستنكر محمد بن نصر المروزي ذلك وقال: الآية تدل على أن قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}، إنما نزل بالمدينة لقوله تعالى فيها {وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا}، والقتال إنما وقع بالمدينة لا بمكة، والإِسراء كان بمكة قبل ذلك. اهـ. قال: وما استدل به غير واضح، لأن قوله تعالى: {أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ} ظاهر في الاستقبال، فكأنه سبحانه وتعالى امتن عليهم بتعجيل التخفيف قبل وجود المشقة التي علم أنها سيقع لهم، والله أعلم. وقال ابن سيد الناس في عيون الأثر (١/ ١٧٨): عن مقاتل بن سليمان: "فرض الله أول الإِسلام ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، ثم فرض الخمس ليلة المعراج"، ثم نقل أيضًا (١/ ٢٥٢) عن أبي إسحاق الحربي: "أول ما فُرضت الصلاة بمكة فُرضت ركعتين أول النهار وركعتين آخره، ثم ساق بإسناده إلى عائشة فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة ركعتين ... إلخ. حكى ذلك أبو عمر: قال: أبو عمر بن عبد البر: وليس في حديث عائشة دليل على صحة ما ذهب إليه الحربي، ولا يوجد هذا في أثر صحيح، بل فيه دليل على أن الصلاة التي فرضت ركعتين ركعتين =