للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقد ردَّ أصحاب القول الأول على الاستدلال بهذه الآية، ففي "لامع الدراري" قال: "وأنت خبير بأن الاستدلال بالآية على مبدًا الفرضية مشكل جدًّا، فإنه لا خلاف بين العلماء أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل المدينة يوم جمعة وصلاها أول يوم الدخول في مسجد بني سالم، والآية نزلت بعد ذلك بزمان لأن الأذان لم يكن بعد مشروعًا، وهذا لا مراء في ذلك [كذا] ".
الترجيح: والذي يترجح أنها فُعِلَت في العهد المكي على سبيل الجواز، ثم نزلت الآية بعد ذلك في العهد المدني مقررة الوجوب. قال الإِمام الحجاوي في الإِقناع مع شرحه (٢/ ٢١): "قال الشيخ: فعلت بمكة على سبيل الجواز، وفرضت بالمدينة"، ويدل على هذا ما ثبت عن عروة بن الزبير -رحمه الله- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبث بعد مقدمه إلى المدينة في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة. وحددها بشكل أدق أنس بن مالك - رضي الله عنه - فقال: "لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة نزل في علو المدينة في حي يقال لهم بنو عمرو ابن عوف، قال: فأقام فيهم أربع عشرة ليلة". رواه البخاري في كتاب الصلاة، باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ومسلم (١/ ٣٧٣)، وأبو داود (٤٥٣، ٤٥٤)، والنسائي (٣/ ٣٩). وقد وقعت الجمعة في هذه الأثناء، ولم يأمرهم - عليه الصلاة والسلام - أن يجمعوا، حتى سار من بني عمرو بن عوف إلى المدينة فجمع في الطريق لما أدركته الصلاة في مسجد بني سالم بن عوف في بطن وادي رانوناء، فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة، فمكث - عليه الصلاة والسلام - هذه الفترة دليل على أن صلاتها قبل وإنما كانت على سبيل الجواز لا الوجوب.
ويدل على هذا أن صلاة الصحابة الجمعة بالمدينة إنما كانت بطلب منهم لما رأوا اجتماع اليهود في يوم السبت، واجتماع النصارى يوم الأحد، يوضح هذا مرسل ابن سيرين الذي سبق إيراده. =

<<  <  ج: ص:  >  >>