للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قاله القرطبي (١) في "شرحه"، والوجهان جائزان في رواية الكتاب في "أغير" فيقرأ بالنصب والرفع.

العشرون: "الغيرة" في حقنا راجعة إلى تغير وانزعاج وهيجان يلحق الغَيْرَان عندما يُنال شيء من حريمه أو محبوباته يحمل على صيانتهم ومنعتهم، وهذا التغير على الله -تعالى- محال (٢) إذْ هو منزه عن كل تغير ونقص (٣) لكن لما كانت ثمرة المغيرة صون الحريم ومنعهم وزجر المقاصد إليهم أطلق ذلك على الله -تعالى- إذ قد زجر وذم ونصب الحدود وتوعد بالعقاب الشديد من تعرض لشيء


(١) المفهم (٣/ ١٥١٦).
(٢) قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز -حفظه الله- في تعليقه على فتح الباري (٢/ ٥٣١): المحال عليه -سبحانه وتعالى- وصفه بالغيرة المشابهة لغيرة المخلوق، وأما الغيرة اللائقة بجلاله -سبحانه وتعالى- فلا يستحيل وصفه بها، كما دل عليه هذا الحديث وما جاء في معناه، فهو -سبحانه- يوصف بالغيرة عند أهل السنَّة على وجه لا يماثل فيه صفة المخلوقين، ولا يعلم كنهها وكيفيتها إلَّا هو -سبحانه-، كالقول في الاستواء والنزول والرضا والغضب وغير ذلك من صفاته -سبحانه- ... والله أعلم. وانظر: الفتاوى لابن تيمية (٣/ ١٤١).
(٣) وذلك كما قال شيخ الإِسلام -رحمنا الله وإياه- في رد شبهاتهم في الفتاوى (٦/ ١٢٠) على قولهم: إن المغيرة انفعالات نفسانية، فيقال: كل ما سوى الله مخلوق منفعل، ونحن وذواتنا منفعلة، فكونها انفعالات فينا لغيرنا نعجز عن دفعها: لا يوجب أن يكون الله منفعلًا لها عاجزًا عن دفعها، وكان كل ما يجري في الوجود، فإنه بمشيئته وقدرته لا يكون إلَّا ما يشاء، ولا يشاء إلَّا ما يكون، له الملك وله الحمد. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>