أهل كتاب" هو كالتوطئة والتمهيد بالوصية، لاستجماع همته على الدعاء لهم. إلى ما ذكر في الحديث، لأن أهل الكتاب أهل علم، ومخاطبتهم لا تكون كمخاطبة جهال المشركين وعبدة الأوثان في العناية بها.
الرابع: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "فإذا جئتهم فادعهم" إلى آخره، وقعت البدأة بدعائهم إلى الشهادتين ومطالبتهم بهما، لأنها أصل الدين الذي لا يصح شيء من فروعه إلَّا بهما، فمن كان منهم غير موحد على التحقيق: كالنصارى فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين عيناً. ومن كان موحداً: كاليهود فالمطالبة له بالجمع بين ما أقر به من التوحيد وبين الإِقرار بالرسالة. وإن كان هؤلاء اليهود الذين كانوا في اليمن عندهم ما يقتضي الإِشراك ولو باللزوم تكون مطالبتهم بالتوحيد لنفي ما يلزم من عقائدهم. وقد ذكر الفقهاء: أن من كان كافراً بشيء وهو مؤمن بغيره لم يدخل في الإِسلام إلَّا بالإِيمان بما كفر به. كذا نقله الشيخ تقي الدين عنهم، وليس على إطلاقه.
بل قال أصحابنا العراقيون: لا يدخل في الإِسلام إلَّا بالتلفظ بالشهادتين، وهو الصحيح.
وقال الخراسانيون منهم القاضي حسين: كل من أقر بما هو معروف من دين الإِسلام أنه حق صار به مسلماً، وإن لم يتلفظ بالشهادتين، لأنه لو جحد ذلك كان كافراً، فإذا اعترف به يكون مؤمناً.