للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= واحتجوا أيضاً بقوله - صلى الله عليه وسلم - في الذين صاموا: "أولئك العصاة" رواه النسائي في قصة فطره عام الفتح.
واحتجوا أيضاً بقول عبد الرحمن بن عوف: "الصائم في السفر كالمفطر في الحضر". رواه النسائي. ولا يصح رفعه، وإنما هو موقوف.
واحتجوا أيضاً بأن الله -تعالى- إنما أمر المسافر بالعدة من أيام أخر، فهي فرضه الذي أمر به، فلا يجوز غيره. وحكى ذلك عن غير واحد من الصحابة.
وأجاب الأكثرون عن هذا بأنه ليس فيه ما يدل على تحريم الصوم في السفر على الإِطلاق، وقد أخبر أبو سعيد "أنه صام مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الفتح في السفر".
قالوا: وأما قوله: "ليس من البر الصيام في السفر"، فهذا خرج على شخص معين، رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ظلل عليه، وجهده الصوم، فقال هذا القول، أي ليس البر أن يجهد الإِنسان نفسه حتى يبلغ بها هذا المبلغ، وقد فسح الله له في الفطر. فالأخذ إنما يكون بعموم اللفظ الذي يدل سياق الكلام على إرادته، فليس من البر هذا النوع من الصيام المشار إليه في السفر.
وأيضاً فقوله: "ليس من البر"، أي ليس هو أبر البر، لأنه قد يكون الإِفطار أبر منه إذا كان في حج أو جهاد يتقوى عليه. وقد يكون الفطر في السفر المباح برّاً، لأن الله -تعالى- أباحه ورخص فيه، وهو -سبحانه- يحب أن يؤخذ برخصه، وما يحبه الله فهو بر، فلم ينحصر البر في الصيام في السفر. وتكون "من" على هذا زائدة، ويكون كقوله -تعالى-: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ...} الآية، وكقولك: ما جاءني من أحد، وفي هذا نظر. وأحسن منه أن يقال: إنها ليست بزائدة، بل هي على حالها، والمعنى: أن الصوم في السفر ليس من البر الذي تظنونه =

<<  <  ج: ص:  >  >>