للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قالوا: وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها" فهذا يدل على أن قبول المكلف لرخصة الله واجب، وهذا حق، فإنه متى لم يقبل الرخصة ردها ولم يرها رخصة، وهذا عدوان منه ومعصية، ولكن إذا قبلها، فإن شاء أخذ بها، وإن شاء أخذ بالعزيمة. هذا مع أن سياق الحديث يدل على أن الأمر بالرخصة لمن جهده الصوم وخاف على نفسه، ومثل هذا يؤمر بالفطر. فعن جابر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر برجل في ظل شجرة يرش عليه الماء. قال: ما بال صاحبكم هذا؟ قالوا: يا رسول الله صائم. قال: "إنه ليس من البر أن تصوموا في السفر، وعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها" رواه النسائي.
قالوا: وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أولئك العصاة" فذاك في واقعة معينة، أراد منهم الفطر فخالفه بعضهم، فقال هذا: ففي النسائي عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن جابر قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة عام الفتح في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس معه، فبلغه أن الناس شق عليهم الصيام، فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب، والناس ينظرون، فأفطر بعض الناس وصام بعض. فبلغه أن ناساً صاموا. فقال: "أولئك العصاة" فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أفطر بعد العصر ليقتدوا به، فلما لم يقتد به بعضهم قال: "أولئك العصاة"، ولم يرد بذلك تحريم الصيام مطلقاً على المسافر. والدليل عليه: ما روى النسائي أيضاً عن أبي هريرة قال: "أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمر الظهران، فقال لأبي بكر وعمر: "ادنيا، فكلا". فقالا: إنا صائمان. فقال: "ارحلوا لصاحبكم. اعملوا لصاحبكم"، وأعله بالإِرسال. ومر الظهران: أدنى إلى مكة من كراع الغميم، فإن كراع الغميم بين يدي عسفان بنحو ثمانية أميال، وبين مكة وعسفان ستة وثلاثون ميلاً. قالوا: وأما احتجاجكم بالآية، وأن الله أمر المسافر بعدة من أيام أخر، فهي فرضه الذي لا يجوز غيره، فاستدلال باطل فطعاً. فإن الذي أنزلت =

<<  <  ج: ص:  >  >>