للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عليه هذه الآية، وهو أعلم الخلق بمعناها والمراد منها، قد صام بعد نزولها بأعوام في السفر، ومحال أن يكون المراد منها ما ذكرتم، ولا يعتقده مسلم، فعلم أن المراد بها غير ما ذكرتم. فإما أن يكون المعنى: فأفطر، فعدة من أيام أخر، كما قال الأكثرون، أو يكون المعنى: فعدة من أيام أخر تجزىء عنه، وتقبل منه, ونحو ذلك. فما الذي أوجب تعيين التقدير بأن عليه عدة من أيام أخر، أو ففرضه، ونحو ذلك؟
وبالجملة: ففعل من أنزلت عليه تفسيرها، وتبيين المراد منها، وبالله التوفيق.
وهذا موضع يغلط فيه كثير من قاصري العلم، يحتجون بعموم نص على حكم، ويغفلون عن عمل صاحب الشريعة وعمل أصحابه الذي يبين مراده، ومن تدبر هذا علم به مراد النصوص، وفهم معانيها.
وكان يدور بيني وبين المكيين كلام في الاعتمار من مكة في رمضان وغيره، فأقول لهم: كثرة الطواف أفضل منها، فيذكرون قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عمرة في رمضان تعدل حجة"، فقلت لهم في أثناء ذلك: محال أن يكون مراد صاحب الشرع العمرة التي يخرج إليها من مكة إلى أدنى الحل، وأنها تعدل حجة، ثم لا يفعلها هو مدة مقامه بمكة أصلاً، لا قبل الفتح ولا بعده، ولا أحد من أصحابه، مع أنهم كانوا أحرص الأمة على الخير، وأعلمهم بمراد الرسول، وأقدرهم على العمل به. ثم مع ذلك يرغبون عن هذا العمل اليسير والأجر العظيم؟ يقدر أن يحج أحدهم في رمضان ثلاثين حجة أو أكثر، ثم لا يأتي منها بحجة واحدة، وتختصون أنتم عنهم بهذا الفضل والثواب، حتى يحصل لأحدكم ستون حجة أو أكثر؟ هذا ما لا يظنه من له مسكة عقل. وإنما خرج كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - على العمرة المعتادة التي فعلها هو وأصحابه، هي التي أنشأوا السفر لها من أوطانهم، وبها أمر أم معقل، وقال لها: "عمرة في رمضان تعدل حجة" ولم يقل =

<<  <  ج: ص:  >  >>