وفيما روي عنها في النهي عن الصوم عن الميت نظر، والأحاديث المرفوعة أصح إسناداً، وأشهر رجالاً. وقد أودعها صاحبا الصحيح كتابيهما, ولو وقف الشافعي على جميع طرقها وتظاهرها, لم يخالفها إن شاء الله. وممن رأى جواز الصيام عن الميت: طاوس والحسن البصري والزهري وقتادة. آخر كلام البيهقي. وقد اختلف أهل العلم فيمن مات وعليه صوم هل يقضي عنه على ثلاثة أقوال: أحدها: لا يقضي عنه بحال، لا في النذر ولا في الواجب الأصلي. وهذا ظاهر مذهب الشافعي، ومذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابه. الثاني: أنه يصام عنه فيهما. وهذا قول أبي ثور، وأحد قولي الشافعي. الثالث: يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي. وهذا مذهب أحمد المنصوص عنه، وقول أبي عبيد والليث بن سعد، وهو المنصوص عن ابن عباس. روى الأثرم عنه أنه: "سئل عنها"، إنما هو في الفرض لا في النذر، لأن الثابت عن عائشة فيمن مات، وعليه صيام رمضان: "أنه يطعم عنه في قضاء رمضان، ولا يصام"، فالمنقول عنها كالمنقول عن ابن عباس سواء، فلا تعارض بين رأيها وروايتها. وبهذا يظهر اتفاق الروايات في هذا الباب، وموافقة فتاوى الصحابة لها، وهو مقتضى الدليل والقياس، لأن النذر ليس واجباً بأصل الشرع، وإنما أوجبه العبد على نفسه، فصار بمنزلة الدين الذي استدانه، ولهذا شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدين في حديث ابن عباس. والمسؤول عنه فيه: أنه كان صوم نذر، والدين تدخله =