قال ابن القيم -رحمنا الله وإياه- في زاد المعاد (٢/ ١٧٦) فصل: وأما موضع حيضها، فهو بسرف بلا ريب، وموضع طهرها قد اختلف فيه، فقيل: بعرفة هكذا روى مجاهد عنها وروى عروة عنها أنه أظلّها يوم عرفة وهي حائض ولا تنافي بينهما، والحديثان صحيحان، وقد حملهما ابن حزم على معنين، فطهر عرفة: هو الاغتسال للوقوف بها عنده، قال: لأنها قالت: تطهرت بعرفة، والتطهير غير الطهر، قال: وقد ذكر القاسم يوم طُهرها، أنه يوم النحر، وحديثه في "صحيح مسلم" قال: وقد اتفق القاسم وعروة على أنها كانت يومُ عرفة حائضاً، وهما أقرب الناس منها، وقد روى أبو داود: حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه, عنها: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موافين هلال ذي الحجة .... فذكرت الحديث، وفيه، فلما كانت ليلة البطحاء، طهرت عائشة وليلة البطحاء كانت بعد يوم النحر بأربع ليال، وهذا محال إلَاّ أننا لما تدبرنا وجدنا هذه اللفظة، ليست من كلام عائشة، فسقط التعلق بها, لأنها ممن دون عائشة، وهي أعلم بنفسها. قال: وقد روى حديث حماد بن سلمة هذا وهيب بن خالد، وحماد بن زيد، فلم يذكرا هذه اللفظة قلت: يتعين تقديم حديث حماد بن زيد ومن معه على حديث حماد بن سلمة لوجوه: أحدها: أنه أحفظ وأثبت من حماد بن سلمة. الثاني: أن حديثهم فيه إخبارها عن نفسها، وحديثه فيها الإِخبار عنها. الثالث: أن الزهري روى عن عروة عنها الحديث، وفيه: فلم أزل حائضاً حتى كان يوم عرفة، وهذه الغاية هي التي بينها مجاهد والقاسم عنها، =