للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقد يجاب عن هذا من وجهين.
أحدهما: أن هذه الزيادة لم يذكرها أحد من أهل السنن في هذا الحديث، وإنما ذكروا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنتفعوا من الميتة -الحديث" وإنما ذكرها الدارقطني، وقد رواه خالد الحذاء وشعبة عن الحكم، فلم يذكرا "كنت رخصت لكم" فهذه اللفظة في ثبوتها شيء.
والوجه الثاني: أن الرخصة كانت مطلقة غير مقيدة بالدباغ، وليس في حديث الزهري ذكر الدباغ، ولهذا كان ينكره ويقول: "نستمتع بالجلد على كل حال" فهذا هو الذي نهى عنه أخيراً. وأحاديث الدباغ قسم آخر لم يتناولها النهي، وليست بناسخة ولا منسوخة، وهذه أحسن الطرق.
ولا يعارض ذلك نهيه عن جلود السباع، فإنه نهى عن ملابستها باللبس والافتراش، كما نهى عن أكل لحومها, لما في أكلها ولبس جلودها من المفسدة، وهذا حكم ليس بمنسوخ، ولا ناسخ أيضاً، وإنما هو حكم ابتدائي رافع لحكم الاستصحاب الأصلي.
وبهذه الطريقة تأتلف السنن, وتستقر كل سنة منها في مستقرها، وبالله التوفيق.
وانظر ما قاله المنذري في مختصر السنن والخطابي في معالم السنن.
وقال أيضاً في زاد المعاد (٥/ ٧٥٧، ٧٥٨): وأما الجلد إذا دبغ، فقد صار عيناً طاهرة ينتفع في اللبس والفرش، وسائِر وجوه الاستعمال، فلا يمتنع جوازُ بيعه، وقد نص الشافعي في كتابه القديم على أنه لا يجوز بيعُه، واختلف أصحابُه، فقال القفال: لا يتجه هذا إلَاّ بتقدير قول يُوافق مالكاً في أنه يطهر ظاهرُه دون باطنه، وقال بعضُهم: لا يجوز بيعُه، وإن طهر ظاهره وباطنه على قوله الجديد، فإنه جزءٌ من الميتة حقيقة، فلا يجوز بيعه كعظمها ولحمها. وقال بعضُهم: بل يجوزُ بيعه بعد الدبغ لأنه عين بيعه كعظمها ولحمها. وقال بعضُهم: بل يجوزُ بيعه بعد الدبغ لأنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>