للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثامن: ما احتج به الشافعي ومن وافقهم على استعمال الحيل في البياعات في مسألة العينة (١)، كما يفعله بعض الناس، توصلاً إلى مقصود الربا، بأن يريد أن يعطيه مائة بمائتين، فيبيعه ثوباً بمائتين، ثم يشتريه منه بمائة، وموضع الدلالة من الحديث أنه -عليه الصلاة والسلام- قال له "بعه واشتره ببيع آخر" ولم يقصد بذلك سوى الخلاص من القدر الممنوع منه شرعاً، وهو عدم التماثل في الربويات [لا كثرة ولا غيرها] (٢)، ولم يفصل بين أن يشتري من المشترى أو من غيره، فدل على أنه لا فرق وبهذا قال أبو حنيفة أيضاً: كما نقله عنه القاضي.

وخالف مالك وأحمد وغيرهما فقالوا: إنه حرام.

ويجيبوا: بأن الحديث مطلق لا عام، فيحمل على بيعه من غير البائع، أو على غير صورة المنع. فإن المطلق يكتفي في العمل به بصورة واحدة. وفي هذا الجواب نظر، كما أبداه الشيخ


(١) قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (٤/ ٤٠٠)، واستدل به على جواز بيع العينة وهو أن يبيع السلعة من رجل بنقد ثم يشتريها منه بأقل من الثمن لأنه لم يخص بقوله: "ثم اشتر بالدراهم جنيباً" غير الذي باع له الجمع، وتعقب بأنه مطلق، والمطلق لا يشمل ولكن يشيع فإذا عمل به في صورة سقط الاحتجاج به فيما عداها, ولا يصح الاستدلال به على جواز الشراء, ممن باعه تلك السلعة بعينها, وقيل: إن وجه الاستدلال له لذلك من جهة ترك الاستفصال ولا يخفي ما فيه.
(٢) في إحكام الأحكام (٤/ ١١٤) ولا بين أن يقصد التوصل إلى شراء الأكثر أولاً. وانظر: شرح مسلم (١١/ ٢١)، والفتح (٤/ ٤٠٠، ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>