وقوله: "في الحضر إشارة إلى أن التقييد بالسفر في الآية خرج للغالب فلا مفهوم له لدلالة الحديث على مشروعيته في الحضر كما ذكره وهو قول الجمهور، واحتجوا له من حيث المعنى بأن الرهن شرع توثقة على الدين لقوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}، فإنه يشير إلى أن المراد بالرهن الاستيثاق، وإنما قيده بالسفر لأنه مظنة فقد الكاتب، فأخرجه مخرج الغالب، وخالف في ذلك مجاهد والضحاك فيما نقله الطبري عنهما، فقالا: لا يشرع إلَاّ في السفر، حيث لا يوجد الكاتب، وبه قال داود وأهل الظاهر، وقال ابن حزم: إن شرط المرتهن الرهن في الحضر لم يكن له ذلك، وإن تبرع به الراهن جاز، وحمل حديث الباب على ذلك. وقد أشار البخاري إلى ما ورد في بعض طرقه كعادته، وقد تقدم الحديث في "باب شراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة" في أوائل البيوع من هذا الوجه بلفظ: "ولقد رهن درعاً له بالمدينة عند اليهودي" وعرف بذلك الرد على من اعترض بأنه ليس في الآية والحديث تعرض للرهن في الحضر. وقال الشنقيطي -رحمنا الله وإياه- في أضواء البيان (١/ ٢٢٨). تنبيه: أخذ بعض العلماء من قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} الآية. أن الرهن لا يكون مشروعاً إلَاّ في السفر كما قاله مجاهد والضحاك وداود والتحقيق جوازه في الحضر. وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - توفي ودرعه مرهونة عند يهودي =