وقال أشهب، عن مالك، عن رجل باع من رجل عبدين بمئة دينار وانتقد من ذلك خمسين، وبقيت على الغريم خمسون، ثم أفلس غريمه، فوجد عنده أحد عبديه، وفاته الآخر، فأراد أخذه بالخمسين التي بقيت له على غريمه، وقال: الخمسون التي أخذت ثمن العبد الذاهب، وقال الغرماء: بل الخمسون التي أخذت ثمن هذا. فقال مالك: إذا كان العبدان سواء، رد نصف ما قبض، ولك خمسة وعشرون دينارًا، وأخذ العبد، وذلك أنه إنما اقتضى من ثمن كل عبد خمسة وعشرين دينارًا. قال: ولو كان باعه عبدًا واحدًا بمئة دينار، فاقتضى من ثمنه خمسين رد الخمسين إن أحب وأخذ العبد. قال أشهب: وكذلك العمل في روايات الزيت، وغيرها على هذا القياس. وقال الشافعي في مسألة أشهب عن مالك: العبد أحق به من الغرماء إذا كان قيمة العبدين سواء؛ لأنه ماله بعينه وجده عند غريمه، وقد أفلس، والذي قبضه، وثمن ما فات إذا كانت القيمة سواء كما لو باع عبدًا واحدًا، وقبض نصف لبه، كان ذلك النصف للغرماء وكان النصف الباقي له، فإنه لم يقبض ثمنه ولا يرد شيئًا مما أخذ؛ لأنه مستوف لما أخذ. وأما قول مالك في "الموطأ": فإن اقتضى من ثمن المبتاع شيئًا، فأحب أن يرده إلى آخر قوله. فقد خالفه الشافعي، وغيره في ذلك، فقالوا: ليس له أن يرده، وإنما له أخذ ما بقي من سلعته، لا غير ذلك؛ لإجماعهم على أنه لو قبض ثمنها كله لم يكن له إليها سبيل، فكذلك إذا أخذ ثمن بعضها لم يكن إلى ذلك البعض سبيلًا، وليس له أن يرد بعض الثمن كما ليس له أن يرد جميعه، لو قبضه.