(١) قال أبو حنيفة: لا أحجر على المفلس في الدين, لأن مال الله غاد ورائح، فهو لا يرى الحجر على المدين المفلس، كما لا يرى الحجر على السفيه، لأن في الحجر، إهدارًا لحريته وإنسانيته وأهليته، فذلك أخطر من ضرر خاص يلحق الدائن فتنفذ تصرفاته ولا يباع ماله جبرًا عنه، وإنما يؤمر بسداد ديونه، فإن امتثل فلا يتعرض له بشيء، وإن امتنع عن الأداء، حبس حتى يسدد دينه، أو يبيع ماله بنفسه، وشرع حبسه دفعًا لظلمه, لأن قضاء الدين واجب عليه، والمماطلة ظلم، وليس للقاضي أن يبيع ماله جبرًا عنه، لأنه نوع حجر عليه، وهو لا يجوز عنده. والخلاصة: أن أبا حنيفة قال: ليس للحاكم أن يحجر على المفلس، ولا يبيع ماله بل يحبسه، حتى يؤدي أو يموت في السجن. والمفتي به عند الحنيفة هو قول الصاحبين وهو قول جمهور الفقهاء: وهو جواز الحجر على المدين المفلس في تصرفاته المالية، حفاظًا على حقوق الدائنين وأموالهم من الضياع بدليل ما روى الدارقطني، والخلال، وصحع الحاكم إسناده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجر على معاذ وباع ماله في دين كان عليه، وقسمه بين غرمائه، فأصابهم خمسة أسباع حقوقهم، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: ليس لكم إلَّا ذلك. اهـ. من الفقه الإسلامي (٥/ ٤٥٦).