للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: المفهوم، فإن قوله: "جعل الشفعة في كل ما لم يقسم" يقتضي أن لا شفعة فيما قسم. وقد ورد في بعض الروايات: "إنما الشفعة" وهو أقوى في الدلالة. لاسيما إذا جعلنا: "إنما" دالة على الحصر بالوضع, دون المفهوم.

الثاني: قوله: "فإذا وقعت الحدود" إلى آخره، وهو يقتضي ترتب الحكم على مجموع أمرين: وقوع الحدود، وصرف الطرق. وقد يقول من يثبتها للجار -إن المرتب على أمرين لا يلزم منه ترتبه على أحدهما. وتبقى دلالة المفهوم الأول مطلقة-، وهو قوله: "إنما الشفعة في ما لم يقسم"، فمن قال بعدم ثبوتها تمسك بها، ومن خالفها يحتاج إلى إضمار قيد آخر، يقتضي اشتراط أمر زائد، وهو صرف الطرق مثلًا، وهذا الحديث يستدل به، ويجعل مفهومه مخالفة الحكم عند انتفاء الأمرين معًا [أعني] (١) وقوع الحدود وصرف الطرق.

وقال القاضي (٢) عياض: لو اقتصر على القطعة الأولى من الحديث، وهي ما إذا وقعت الحدود لكان فيه حجة على عدم شفعة الجوار، لأن الجار بينه وبين جاره حدود، ولكنه لما أضاف إليه و"صرفت الطرق" تضمن أنها تنتفي بشرطين: ضرب الحدود، وصرف الطرق، التي كانت قبل القسمة، ولمن أثبتها أن يقول المراد به صرف الطرق التي يشترك فيها الجاران.


(١) زيادة من إحكام الأحكام.
(٢) ذكره في إكمال إكمال المعلم (٤/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>