للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: عدم ثبوتها فيما لا يقبل القسمة، لاسيما رواية البخاري السالفة الدالة على الحصر فيما يقسم، وهذا هو الأصح من قولي الشافعي، ووجه استنباط ذلك من الحديث، أن هذه الصيغة في النفي تشعر بالقبول، فيقال للبصير: لم يبصر كذا. ويقال للأكمه: لا يبصر كذا (١)، وإن استعمل أحد الأمرين في الآخر، فذلك للاحتمال. فعلى هذا: يكون في قوله: "فيما لم يقسم" إشعار بأنه قابل للقسمة. وإذا دخلت "إنما" المقتضية للحصر: اقتضت انحصار الشفعة في القابل. كذا قرره الشيخ تقي الدين.

واعترض الفاكهي: فقال قولهم إن المستحيل لا ينفى "بلم"، وإنما ينفى "بلا"، وإنما ينفى "بلم" الممكن دون المستحيل فيه نظر، والذي يظهر لي أنه غير مطرد، فإنه قد جاء نفي المستحيل عقلًا وشرعًا "بلم" في أفصح كلام. قال تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)} (٢).

الرابع: ثبوت الشفعة بشرطها لكل أحد من مسلم وذمي ومقيم


(١) قال الصنعاني -رحمنا الله وإياه- في الحاشية (٤/ ١٣٠)، قوله: "لم يبصر كذا"، أي: مع قبوله للإبصار والإدراك بالحاسة، وللأكمة وهو الذي ولد أعمى ويقال له ممسوح العين كما في الكشاف لا يبصر كذا، أي: لعدم قبوله الإبصار لفقد حاسته، فهذا وجه التفرقة بين لم، ولا، ومنه قوله تعالى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} , إلَّا أنه كما قال المحقق قد يستعمل أحد الأمرين، أي: العبارتين في الآخر فيؤتى بلم في الثاني، وبلا في الأول ومنه قوله تعالى: {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}، مع إمكانه في نفسه. اهـ.
(٢) سورة الصمد: آية ٣، ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>