للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الغزالي: ليس مكروهًا، بل تاركًا للأحب وهو ظاهر نصه.

وقال طاووس وعروة ومجاهد والثوري وأحمد وإسحاق وداوود: بالأول وأن التفضيل حرام مردود، واحتجوا برواية "لا أشهد على جور"، ونحوها.

واستدل الأولون بالرواية الأخرى: "فأشهد على هذا غيري".

قالوا: ولو كان حرامًا أو باطلًا لما قال هذا الكلام، وامتناعه عليه الصلاة والسلام من الشهادة على وجه التنزيه.

وأجابوا: عن رواية: "لا أشهد على جور" بما أسلفناه من أن الجور في اللغة, هو الميل عن الاستواء والاعتدال، سواء كان حرامًا أو مكروهًا، فتأول هنا على المكروه جمعًا بين الروايتين.

وللأولين أن يقولوا: قوله: "فأشهد على هذا غيري" جاء على طريق التهديد والتنفير الشديد، مع ما انضاف إلى ذلك من امتناعه - عليه الصلاة والسلام - عن المباشرة لهذه الشهادة معَلِلًا بأنها جور، والمتبادر إلى الذهن عند إطلاق الجور التحريم لا الكراهة، فتخرج الصيغة عن ظاهر الأذن لهذه القرائن، ويقوى ذلك أيضًا: "فاتقوا الله" فإن ذلك يؤذن بأن التقوى هنا التسوية، وأن التفضيل ليس بتقوى.

وأجاب النووي (١) عن هذا بأن قال: الأصل في كلام الشارع


(١) شرح مسلم (١١/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>