وقول جابر:(قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرى لمن وهبت له) يحتمل حمله على الصورة الثالثة وهو أقرب إذ ليس في اللفظ تقييد، ويحتمل أن يحمل على الثانية، وهو مبين بالكلام بعده في الرواية الأخرى، ويحتمل أن يحمل على جميع الصور إذا قلنا إن مثل هذه الصيغة من الراوي تقتضي العموم، وفي ذلك خلاف بين الأصوليين.
الثالث: في ألفاظه:
أُعمر: -بضم أوله- على ما لم يسم فاعله أجود من الفتح كما نبه عليه ابن الصلاح في "مشكل الوسيط".
والعقب: -بفتح أوله وكسر ثالثه وإسكانه أيضًا مع فتح العين وإسكانها- كما في نظائره، أولاد الإِنسان ما تناسلوا.
وقوله:"لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث" يريد أنها التي شرط فيها له ولعقبه، ويحتمل أن يريد يكون المراد صورة الإطلاق، ويؤخذ كونه وقعت فيه المواريث من دليل آخر، ونص الحديث يبعده.
ومعنى قول جابر:"أجازها" أمضاها، وجعلها للعقب لا تعود. وقد نص على أنه إذا قيدها بحياته تعود. وهو تأويل منه. ويجوز أن يكون رواه، أعني كقوله:"إنما العمرى" إلى آخره، فإن كان مرويًا فلا إشكال في العمل به، وإلَّا فيرجع إلى أن تأويل الصحابي الراوي، هل يكون مقدمًا من حيث إنه [قد](١) تقع له قرائن تورثه العلم بالمراد، ولا يتفق تعبيره عنها.
(١) زيادة من ن هـ، وإحكام الأحكام (٤/ ١٤٦)، مع التصرف في النقل عنه.