للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليس إغراء الغائب، لأن الهاء في "عليه" لمن خصه من الحاضرين بعدم الاستطاعة، لتعذر خطابه بكاف الخطاب، كما نبَّه عليه القاضي عياض وأوضحه، ورد به على من قال: إن في الحديث دلالة على الإِغراء بالغائب، وأن النحاة منعوه.

الوجه الثالث: من الكلام على الحديث في أحكامه.

الأول: الأمر بالنكاح لمن استطاع وتاقت نفسه وهو إجماع، لكنه عند الجمهور أمر ندب لا إيجاب فلا يلزم التزوج ولا التسري سواء خاف العنت أم لا؟

وقال داود ومن وافقه من أهل الظاهر: يجب أحدهما على الخائف من العنت مرة واحدة في العمر. وهي رواية عن أحمد، ولم


= عليكم القصاص في القتلى، إلى أن قال: فمن عفى له من أخيه شيء)، ومثله لو قلت لاثنين من قام منكما فله درهم، فالهاء للمبهم من المخاطبين لا لغائب. اهـ. ملخصًا، وقد استحسنه القرطبي، وهو حسن بالغ، وقد تفطَّن له الطيبي فقال: قال أبو عبيد: قوله: فعليه بالصوم إغراء غائب، ولا تكاد العرب تغري إلَّا الشاهد، تقول: عليك زيدًا، ولا تقول عليه زيدًا إلَّا في هذا الحديث، قال: وجوابه أنه لما كان الضمير الغائب راجعًا إلى لفظة "من"، وهي عبارة عن المخاطبين في قوله: "يا معشر الشباب" وبيان لقوله: "منكم" جاز قوله: "عليه"، لأنه بمنزلة الخطاب، وقد أجاب بعضهم بأن إيراد هذا اللفظ في مثال إغراء الغائب هو باعتبار اللفظ، وجواب عياض باعتبار المعنى، وأكثر كلام العرب اعتبار اللفظ، كذا قال، والحق مع عياض، فإن الألفاظ توابع للمعاني، ولا معنى لاعتبار اللفظ مجردًا هنا. اهـ.
وانظر: المفهم (٥/ ٢٣٢٨)، وشرح الأبي على مسلم (٤/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>