وقالت طائفة: بل يمكن حمل الحديث على محمل صحيح يخرج به عن كونه موضوعًا؛ إذ القول بأن في "صحيح مسلم" حديثًا موضوعًا مما ليس يسهل، قال: ووجهه: أن يكون معنى "أزوجكها": أرضى بزواجك بها، فإنه كان على رغم مني، وبدون اختياري، وإن كان نكاحك صحيحًا، لكن هذا أجمل، وأحسن، وأكمل؛ لما فيه من تأليف القلوب، قال: وتكون إجابة النبي - صلى الله عليه وسلم - بنعم؛ كانت تأنيسًا له، ثم أخبره بعد بصحة العقد، فإنه لا يشترط رضاك ولا ولاية لك عليها؛ لاختلاف دينكما حالة العقد، قال: وهذا مما لا يمكن دفع احتماله، وهذا لا يقوى أيضًا. ولا يخفى شدّة بُعْد هذا التأويل من اللفظ، وعدم فهمه منه؛ فإن قوله: "عندي أجمل العرب أزوجكها" لا يفهم منه أحد أن زوجتك التي هي في عصمة نكاحك أرضى زواجك بها , ولا يطابق هذا المعنى أن يقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعم"، فإنه إنما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرًا تكون الإِجابة إليه من جهته - صلى الله عليه وسلم -، فأما رضاه بزواجه بها؛ فأمر قائم بقلبه هو، فكيف يطلبه من النبي - صلى الله عليه وسلم -!! ولو قيل: طلب منه أن يقره على نكاحه إياها، وسمى إقراره نكاحًا؛ لكان مع فساده أقرب إلى اللفظ، وكل هذه تأويلات مستنكرة في غاية المنافرة لِلَّفْظِ، ولمقصود الكلام. اهـ. وقال أيضًا في "زاد المعاد" (١/ ١١١) في هذا التأويل: "وهذا وأمثاله لو لم يكن قد سُوِّدَتْ به الأوراق، وصنفت فيه الكتب، وحمله الناس؛ لكان الأولى بنا الرّغبة عنه، لضيق الزمان عن كتابته، وسماعه، والاشتغال به؛ فإنه من رُبد الصُّدور لا من زُبدها". اهـ.