للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتج أبو حنيفة بالقياس على البيع وغيره فإنها تستقل فيه بلا ولي (١)،


(١) الولي شرط لصحة عقد النكاح عند جمهور العلماء مستدلين بقوله -تعالى-: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}، قال الشافعي: هي أصرح آية في اعتبار الولي، وإلَّا لما كان لعضله معنى، ومن السنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلَّا بولي"، وهو لنفي الحقيقة الشرعية، إذ لا يصح حمل هذا الحديث على نفي الكمال، لأن كلام الشارع محمول على الحقائق الشرعية أي لا نكاح شرعي أو موجود في الشرع إلَّا بولي.
وبحديث عائشة -رضي الله عنها-: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، باطل، باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له"، ولا يفهم من الحديث صحة الزواج بإذن الولي، لأنه خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له لأن الغالب أن المرأة لا تزوج نفسها بغير إذن وليها.
وجاء ما يؤيد ذلك ويؤكده من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه -: "لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها"، فإنه يدل على أن المرأة ليس لها ولاية في الأنكاح لنفسها ولا لغيرها، فلا عبارة لها في النكاح إيجابًا ولا قبولًا، فلا تزوج نفسها بإذن الولي ولا غيرها ولا تزوج غيرها بولاية ولا وكالة, ولا تقبل النكاح بولاية ولا وكالة، ويقابل هذا القول رأي أبي حنيفة وأصحابه حيث يقولون:
ينعقد نكاح الحرة العاقلة البالغة برضاها وإن لم يعقد عليها ولي، بكرًا كانت أم ثيبًا, والولاية مندوبة مستحبة فقط عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-، أما عند محمَّد بن الحسن فينعقد موقوفًا. انظر: فتح القدير (٢/ ٣٩١)، وبدائع الصنائع (٢/ ٢٣٧، ٢٤٧) مستدلين بما يأتي: من القرآن:
أن الله -تعالى- أسند النكاح إلى المرأة في ثلاث آيات في القرآن، قال -تعالى-: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، وقال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>