وقال مالك: من قال: أهب لك هذه السلعة على أن تعطيني كذا وكذا، فهو بيع. وإلى هذا ذهب أكثر المتأخرين من المالكيين البغداديين، قالوا: إذا قال الرجل: قد وهبت لك ابنتي على دينار جاز، وكان نكاحًا صحيحًا وكان قياسًا على البيع. وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي: يعقد النكاح بلفظ الهبة إذا شهد عليه، ولها المهر المسمَّى إن كان سمَّى، وإن لم يسم لها مهر مثلها. ومما احتج به أيضًا أصحاب أبي حنيفة في هذا أن الطلاق يقع بالتصريح، وبالكناية قالوا: فكذلك النكاح. قالوا: والذي خُصَّ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعري البضع من العوض، لا النكاح بلفظ الهبة. قال أبو عمر: لما أجمعوا أنه لا تنعقد هبة بلفظ النكاح، وجب ألا ينعقد النكاح بلفظ الهبة، وبالله التوفيق. ومن جهة النظر النكاح مفتقر إلى التصريح ليقع الإشهاد عليه، وهو ضد الطلاق، فكيف يقاس عليه. وقد أجمعوا أنه لا ينعقد نكاح بقوله: قد أحللت، وقد أبحت لك، فكذلك لفظ الهبة. اهـ.