= رجل من بني تميم قال: "كنا نقول في الجاهلية بالرفاء والبنين"، فلما جاء الإِسلام علمنا نبينا قال: "قولوا بارك الله لكم وبارك فيكم وبارك عليكم"، وأخرج النسائي والطبراني من طريق أخرى عن الحسن، عن عقيل بن أبي طالب أنه "قدم البصرة فتزوج امرأة فقالوا له: بالرفاء والبنين، فقال: لا تقولوا هكذا، وقولوا كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم بارك لهم وبارك عليهم"، ورجاله ثقات إلَّا أن الحسن لم يسمع من عقيل فيما يقال. ودلَّ حديث أبي هريرة على أن اللفظ كان مشهورًا عندهم غالبًا حتى سمّي كل دعاء للمتزوج ترفئة، واختلف في علة النهي عن ذلك فقيل: لأنه لا حمد فيه ولا ثناء ولا ذكر لله، وقيل: لما فيه من الإشارة إلى بغض البنات لتخصيص البنين بالذكر، وأما الرفاء فمعناه الالتئام من رفأت الثوب ورفوته رفوًا ورفاءً وهو دعاء للمتزوج بالالتئام والائتلاف فلا كراهة فيه، وقال ابن المنير: الذي يظهر أنه - صلى الله عليه وسلم - كره اللفظ لما فيه من موافقة الجاهلية لأنهم كانوا يقولونه تفاؤلًا لا دعاءً، فيظهر أنه لو قيل للمتزوج بصورة الدعاء لم يكره كأن يقول: اللهم ألِّف بينهما وارزقهما بنين صالحين مثلًا، أو ألف الله بينكما ورزقكما ولدًا ذكرًا ونحو ذلك. وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق عمر بن قيس الماضي قال: "شهدت شريحًا وأتاه رجل من أهل الشام فقال: إني تزوجت امرأة، فقال بالرفاء والبنين" الحديث، وأخرجه عبد الرزاق من طريق عدي بن أرطأة قال: "حدثت شريحًا أني تزوجت امرأة فقال: بالرفاء والبنين"، فهو محمول على أن شريحًا لم يبلغه النهي عن ذلك، ودلَّ صنيع المؤلف على أن الدعاء للمتزوج بالبركة هو المشروع، ولاشك أنها لفظة جامعة يدخل فيها كل مقصود من ولد وغيره، ويؤيد ذلك ما تقدم من حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال له تزوجت بكرًا أو ثيبًا: "قال له: بارك الله لك"، والأحاديث في ذلك معروفة.