للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الأَمة (١): فلا تصير فراشًا إلا بالوطء، وأما الملك فلا أثر له حتى لو بقيت في ملكه سنين، وأتت بأولاد ولم يطأها, ولم يقر بوطئها لا يلحقه أحد منهم. فإذا وطئها صارت فراشًا، فإذا أتت بعد الوطء بولد أو أولاد لمدة الإِمكان لحقوه، وبهذا قال مالك والشافعي، وخالف أبو حنيفة، فقال: لا تصير فراشًا إلا إذا ولدت ولدًا واستلحقه فما تأتي بعد ذلك يلحقه إلا أن ينفيه، قال: لأنها لو صارت فراشًا بالوطء لصارت بعقد الملك كالزوجة.

قال أصحاب الشافعي: والفرق بين الزوجة والأَمة: أن الزوجة تراد للوطء خاصة، فجعل الشرع العقد عليها كالوطء لما كان هو المقصود بخلاف الأَمة، فإنها تراد لملك الرقبة وأنواع المنافع غير الوطء، ولهذا يجوز أن يملك أختين وأمًّا وبنتها، ولا يجوز جمعهما


= فكيف تصير المرأة فراشًا ولم يدخل بها الزوج، ولم يبنِ بها لمجرد إمكان بعيد؟ وهل يَعُدُّ أهل العرف واللغة المرأة فراشًا قبل البناء بها، وكيف تأتي الشريعة بإلحاق نسب بمن لم يبنِ بامرأته، ولا دخلَ بها, ولا اجتمع بها بمجرد إمكان ذلك؟ وهذا الإِمكان قد يقطع بانتفائه عادة، فلا تصيرُ المرأة فراشًا إلابدخول محقق، وبالله التوفيق. وهذا الذي نص عليه في رواية حرب، وهو الذي تقتضيه قواعده وأصول مذهبه، والله أعلم.
(١) قال ابن القيم -رحمنا الله وإياه- في المرجع السابق:
واختلفوا أيضًا فيما تصير له الأمة فراشًا، فالجمهور على أنها لا تصير فراشًا إلا بالوطء، وذهب بعض المتأخرين من المالكية إلى أن الأمة التي تشترى للوطء دون الخدمة، كالمرتفعة التي يُفهم من قرائن الأحوال أنها إنما تُراد للتسري، فتصير فراشًا بنفس الشراء، والصحيح أن الأمة والحرة لا تصيران فراشًا إلا بالدخول. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>