للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السابعة: استدل به بعض المالكية على قاعدة من قواعدهم، وأصل من أصول مذهبهم، وهو الحكم بين حكمين، وذلك أن يكون فرع قد أخذ مشابهة من أصول متعدِّدة، فيُعطَى أحكامًا مختلفة، ولا يُمحَّض لأحد الأصول. وبيانه من الحديث أن الفراش مقتضٍ لإِلحاق الولد بزمعة والشبه البين مقتضٍ لإِلحاقه بعتبة، فأعطى النسب بمقتضى الفراش، وألحق بزمعة. ورُوعي أمر الشبه أمر سودة بالاحتجاب منه، فأعطى الفرع حكمًا بين حكمين، ولم يمحض أمر الفراش فتثبت المحرمية بينه وبين سودة، ولم يراع أمر الشبه مطلقًا فيلحق بعتبة، قالوا: وهذا أولى التقديرات، فإن الفرع إذا دار بين أصلين، فألحق [بأحدهما] (١) مطلقًا، فقد أبطل شبهه بالثاني من كل وجه. وكذلك إذا فعل بالثاني، ومُحض إلحاقه به كان إبطالًا لحكم شبهه بالأول، فإذا ألحق بكل واحد منهما من وجه كان أولى من إلغاء أحدهما من كل وجه.

قال الشيخ تقي الدين (٢): ويعترض على هذا بأن صورة النزاع ما إذا دار الفرع بين أصلين شرعيين، يقتضي الشرع إلحاقه بكل واحد منهما من حيث النظر إليه. وهاهنا لا يقتضي الشرع إلا إلحاق هذا الولد بالفراش. والشبه هاهنا غير مقتضٍ للإِلحاق شرعًا، فيحمل قوله: "احتجبي منه يا سودة" على سبيل الاحتياط. والإِرشاد لمصلحة وجودية، لا على سبيل بيان وجوب حكم شرعي. ويؤكده


(١) في هـ بين أحدهما.
(٢) إحكام الأحكام (٤/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>