للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الأمَرة: بفتح الميم، فالمرة الواحدة من الأمر، يقال: لك على أمَره لمطاعة، أي: أمره أطول فيها وأمر فلان بكسر الميم وضمها صار أميرًا.

ومعنى"وكلت إليها" لم يعن عليها، أي: لا يكون فيك كفاية لها ومن هذا شأنه لا يولى، يقال: وكله إلى نفسه وكلًا ووكولًا، وفي كثير من نسخ مسلم بدل الواو همزة. وقال القاضي عياض (١): هو في أكثرها كذلك والصواب بالواو.

الثالث: في أحكامه وفيه مسائل:

الأولى: ظاهره يقتضي كراهية سؤال الإِمارة مطلقًا، والفقهاء تصرفوا فيه بالقواعد الكلية: فمن كان متعينًا للولاية وجب عليه قبولها إن عرضت عليه، وطلبها إن لم تعرض, لأنه فرض كفاية لا يتأدى إلَّا به فيتعين عليه القيام به، وكذا إذا لم يتعين له، وكان أفضل من غيره، ومنعنا ولاية المفضول مع وجود الأفضل وإن كان غيره أفضل منه، ولم نمنع تولية المفضول مع وجود الفاضل. فيكره له الدخول فيها وأن يسألها. وحرّم بعض الشافعية سؤالها.

وحكى الشيخ تقي الدين (٢): أن بعضهم حَرَّم له الطلب وكره للإِمام أن يوليه وقال: إن ولَّاه انعقدت ولايته وقد استخطىء فيما قال، ومن الفقهاء من أطلق القول بكراهية القضاء، لأحاديث وردت فيه. منها قوله -عليه الصلاة والسلام-: "القضاة ثلاثة واحد في الجنة


(١) مشارق الأنوار (١/ ٣١).
(٢) ذكره وما قبله من إحكام الأحكام (٤/ ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>