للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: يكفر لأنه تنجيز معنى، كما إذا قال: "هو يهودي" قال بعضهم: والصحيح أنه لا يكفر فيها، إن كان يعلم أنه يمين. وإن كان عنده أنه يكفر بالحلف، فقوله بملة غير الإِسلام يعم جميع الملل كاليهودية والنصرانية وغيرها.

الثالثة: الكذب عند أصحابنا المتكلمين هو الإِخبار عن الشيء على خلاف ما هو عمدًا كان أو سهوًا. وخالفت المعتزلة فشرطوا فيه العمد. وهذا الحديث وغيره يرد قولهم فإنه -عليه الصلاة والسلام- قيده بالعمد لأنه قد يكون سهوًا يسبق لسانه فلا يكون كما قال.

قال القاضي عياض (١): وقيد التعمد من زيادات سفيان الثوري وهي زيادة حسنة إن كان المتعمد الحلف بها مطمئن القلب بالإِيمان وهو كاذب في تعظيم ما لا يعتقد تعظيمه، فإن قاله معتقدًا لتعظيمها واعتقد اليمين بها لكونها حقًا فهو كافر كما اعتقد فيها.

الرابعة: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة". هو من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية، ويؤخذ منه أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم. لأن نفسه ليست ملكًا له، وإنما هي لله تعالى فلا يتصرف فيها إلَّا بما أُذن.

قال القاضي عياض (٢): وفيه دلالة لمالك -ومن قال بقوله- على أن القصاص من القاتل بما قتل به محدَّدًا كان أو غير محدد،


(١) ذكره في إكمال إكمال المعلم (١/ ٢١٩).
(٢) ذكره في إكمال إكمال المعلم (١/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>