خلافًا لأبي حنيفة، اقتداءً بعقاب الله تعالى لقاتل نفسه في الآخرة. ثم ذكر حديث اليهودي، وحديث العرنيين، ونازعه الشيخ تقي الدين في أخذ ذلك من هذا الحديث، وقال: إنه ضعيف جدًا لأن أحكام الله تعالى لا تقاس بأفعاله. وليس كل ما فعله في الآخرة بمشروع لنا في الدنيا، كالتحريق بالنار، وإلساع الحيات والعقارب، وسقي الحميم المقطِّع للأمعاء.
وبالجملة فما لنا طريق إلى إثبات الأحكام إلَّا نصوص تدل عليها، أو قياس على المنصوص عن القياسيين، ومن شرط ذلك أن يكون الأصل المقيس عليه حكمًا. أما ما كان فعلًا لله تعالى فلا، وهذا ظاهر جدًا، وليس ما نعتقده فعلًا لله تعالى في الدنيا أيضًا بالمباح لنا. فإن الله تعالى يفعل ما يشاء بعباده ولا حكم عليه. وليس لنا أن نفعل بهم إلَّا ما أذن لنا فيه، بواسطة أو بغيرها.
الخامسة: التصرفات الواقعة قبل الملك للشيء على وجهين:
أحدهما: تصرفات التنجيز كما لو أعتق عبد غيره، أو باعه، أو نذر نذرًا متعلقًا به. فهذه تصرفات لاغية اتفاقًا، إلا من شذ في العتق خاصة، حيث قال يعتق عليه إذا كان موسرًا, وقيل: إنه رجع عنه.
ثانيها: التصرفات المتعلقة بالملك كتعليق الطلاق بالنكاح مثلًا، فهذا مختلف فيه، فالشافعي يلغيه كالأول، ومالك وأبو حنيفة يعتبرانه، ومشهور مذهب مالك باعتباره إذا خص دون ما إذا عمم. وقد يستدل للشافعي بهذا الحديث وما يقاربه ومخالفوه يحملونه على التنجيز،