قلت: التوفيق بين الكلامين ممكن بأن يكون القائل بكراهة التنزيه انقرض واستقر الإِجماع بعده على التحريم، وقد جاء عن جماعة من الصحابة لبس خاتم الذهب, من ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق محمَّد بن أبي إسماعيل أنه رأى ذلك على سعد بن أبي وقاص وطلحة بن عُبيد الله وصهيب وذكر ستة أو سبعة، وأخرج ابن أبي شيبة أيضًا عن حذيفة وعن جابر بن سمرة وعن عبد الله بن يزيد الخطمي نحوه، ومن طريق حمزة بن أبي أسيد "نزعنا من يدي أبي أسيد خاتمًا من ذهب" وأغرب ما ورد من ذلك ما جاء عن البراء الذي روى النهي، فأخرج ابن أبي شيبة: بسند صحيح عن أبي السفر قال: "رأيت على البراء خاتمًا من ذهب" وعن شيبة عن أبي إسحاق نحوه. أخرجه البغوي في"الجعديات", وأخرج أحمد من طريق محمَّد بن مالك قال: "رأيت على البراء خاتمًا من ذهب فقال: قسم رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قسمًا فألبسنيه فقال: إلبس ما كساك الله ورسوله، قال الحازمي: إسناده ليس بذاك، ولو صح فهو منسوخ. قلت: لو ثبت النسخ عند البراء ما لبسه بعد النبي - صلي الله عليه وسلم -، وقد روى حديث النهي المتفق على صحته عنه، فالجمع بين روايته وفعله إما بأن يكون حمله على التنزيه أو فهم الخصوصية له من قوله: إلبس ما كساك الله ورسوله، وهذا أولى من قول الحازمي: لعلَّ البراء لم يبلغه النهي. ويؤيد الاحتمال الثاني أنه وقع في رواية أحمد: "كان الناس يقولون للبراء لم تتختم بالذهب، وقد نهى عنه رسول الله - صلي الله عليه وسلم -؟ فيذكر لهم هذا الحديث ثم يقول: =