للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وقد تكون شفاعته المذكورة في الحديث بخروج من في قلبه مثقال ذرة من إيمان من النار، لأن الشفاعة لغيره إنما جاءت قبل هذا، وهذه مختصة به كشفاعة المحشر.

قلت: وقد ذكرت له - صلى الله عليه وسلم - ست شفاعات أخر في كتابنا: "غاية السول في خصائص الرسول" (١). فراجعها منه، فإنها من المهمات، فإن أكثر الناس لم يذكر له إلَّا خمسًا، ولا تنكر المعتزلة أيضًا الشفاعة بعد دخول الجنة في رفع الدرجات، فإنه كان - صلى الله عليه وسلم - قد تقدم منه إعلام الصحابة بالشفاعة العظمى المختصة به، فلتكن الألف واللام للعهد، وإن كان لم يتقدم ذلك على هذا الحديث فليكن لتعريف الحقيقة وتتنزل على تلك الشفاعات، لأنه كالمطلق حينئذ فيكفي تنزيله على فرد.

قال الشيخ تقي الدين: وليس لك أن تقول: لا حاجة إلى هذا التكلف، فإنه ليس في الحديث إلَّا إعطاء الشفاعة، فكل هذه الأقسام المذكورة قد أعطيها فليحمل اللفظ على العموم لأنا نقول: هذه الخصلة مذكورة في الخمس التي اختص بها، فلفظها وإن كان مطلقًا إلَّا أن ما سبق في صدر الكلام يدل على الخصوصية.

فائدة: كيفية شفاعته - صلى الله عليه وسلم - أنه يشفع أولًا في إراحة الخلق من الموقف والفصل بين العباد، وهذا هو المقام المحمود، الذي ادخره الله -تعالى- له وأعلمه أنه يبعثه فيه ثم بعد ذلك حلت الشفاعة في أمته - صلى الله عليه وسلم - وفي المذنبين، وحلت شفاعة الأنبياء والملائكة وغيرهم


(١) انظر: لوحة (٥١/ ب) (٥٢/ أ)، ومخطوطته موجودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>