(٢) ولا يفطر إن أمذى؛ لعدم إمكان التحرز منه، فلا يفطر بالمذي هنا خلافاً لما تقدم. (٣) أي: نوى قطع نية الصوم، فيفطر ولو لم يتناول شيئاً؛ لكن ليس حكمه كمن أكل، أوشرب، فيجوز أن يستأنف نية جديدة لصيام نفل، إلا إذا نوى الإفطار في رمضان، فإنه يفطر ولا يجوز له أن ينويه نفلاً. (٤) حَجَمَ: حجم غيره، أو احتجم: حجمه غيرُه، فيفطر لحديث: «أفطر الحاجم والمحجوم»، رواه الإمام أحمد وغيره. وهذه من المفردات، والعلة فيها تعبدية، فلا يقاس عليها التبرع بالدم ولا الفصد ولا الشرط. (٥) يشترط للفطر بما تقدم أن يكون: ١ - عامداً، أي قاصداً الفعل، ليخرج من لم يقصده كمن طار إلى حلقه ذباب أو غبار، ٢ - مختاراً، أي غير مكره، ٣ - ذاكراً لصومه، فلو كان ناسياً لم يفطر. أما الجهل بالتحريم، فلا يعذر به على المذهب، أي: الجهل أن كذا يحرم تناوله أو أن الحجامة مثلاً تفطر، فإنه يفطر بها. (تتمة) في مفطرات معاصرة:
١ - التبرع بالدم: التبرع بالدم لا يفطر على المذهب؛ لأن الفطر بالحجامة تعبديّ، فلا يقاس عليه الفصد والشرط والتبرع. والمفتى به من قِبَل علمائنا المعاصرين كالشيخين ابن باز وابن عثيمين - رحمهما الله تعالى - أن التبرع يفطر. ٢ - الإبر المغذية وغير المغذية: الإبر التي? تغذي، والتي تكون في اليد أو الفخذ أو الرجل? تفطر؛ لأنها ليس بينها وبين المعدة منفذ مفتوح. أما التي تكون في البطن أو الصدر أو الظهر، فإن تحقق وصول شيء منها إلى المعدة فإنها تفطر، وإلا فلا. أما الإبر المغذية، فرأي الشيخين أنها تفطر. قلت: وينبغي أن يكون هو قياس المذهب؛ لكونها تغذي الجسم كما يغذيه الأكل والشراب والله أعلم. ٣ - الغسيل الكلوي: رأي الشيخين أنه يفطر، أما حكمه على المذهب فيحتاج إلى تحرير ونظر. ٤ - المنظار: الظاهر أنه يفطر على المذهب إن كان عن طريق الحلق ووصل إلى الحلق وإن لم يكن عليه شيء من دهن ونحوه، وبعض المشايخ يرى أنه إن كان عليه شيء كزيت ونحوه فإنه يفطر، وإلا فلا. ٥ - القسطرة: القسطرة كالمنظار، لكنها إن كانت من غير الحلق ولم تصل إلى المعدة - وهذا الغالب فيها -، فالأظهر: أنها لا تفطر، والله أعلم. ٦ - التطيب بالبخور: إن تعمد استنشاقه ووصل إلى حلقه، فإنه يفطر، وإلا فلا. ٧ - معجون الأسنان: الذي يظهر لي من مذهب الحنابلة تحريمه، قياساً على تحريمهم للعلك المتحلل، لكن? يفطر بالمعجون إلا إذا وصل طعمه إلى الحلق. أما استعمال فرشاة الأسنان بدون معجون، فالذي يظهر أنها مباحة ما لم تكن بعد الزوال، فالظاهر الكراهة؛ لأنها تزيل أثر الصيام من الفم، والله أعلم. ٨ - التحاميل والحقن التي تؤخذ عن طريق الدبر: كلاهما مفطر على المذهب؛ لأن الدبر منفذ للمعدة على المذهب، وقد صرحوا به. ٩ - قطرة العين والأنف والأذن: للأطباء طريقة للتقطير في الأنف والعين بحيث? يصل إلى الحلق منها شيء، لكن إن وصل شيء من القطرة - سواء كانت قطرة العين أو الأنف أو الأذن - إلى الحلق أو الدماغ، فإن الصوم باطل، وإلا فلا، وهذا الحكم الوضعي. ودليل الفطر حديث: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» أخرجه الأربعة. أما الحكم التكليفي في جواز التقطير أو عدم جوازه - سواء وصل إلى الحلق أو الدماغ أو لم يصل -، فلم أقف على كلام صريح للحنابلة فيه، ثم وقفت على كلام شيخ الإسلام في شرح العمدة حيث قال: (الصحيح أنه إذا غلب على ظنه أنه لا يصل إلى حلقه لم يكره). ١٠ - دواء الغرغرة للفم: يقال فيه ما قيل في قطرة العين والأنف والأذن، فإن وصل شيء منها إلى الحلق أفطر بها الصائم وإلا فلا، وقد يقال فيه: هي كالمضمضة، فلا تفطر، والله أعلم. ١١ - بخاخ الربو: يفطر على المذهب قياساً على البخور؛ لأنه يصل إلى الحلق، والله أعلم. ١٢ - البنج: إن كان عن طريق الأنف أو الفم ويكون بالاستنشاق، فإنه يفطر إن وصل للحلق، وهذا الأصل أنه يمر بالحلق، وأهل الطب يقولون إن له طعماً يكون في الحلق. وأما إن كان عن طريق الإبرة في اليد أو الوَرِك، فالأظهر: أنه? يفطر، والله أعلم.