للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل (في حد المسكر) (١)

وكُلُّ شرابٍ مُسكِرٍ يحرُم مُطلقًا (٢) إلا لدفعِ لقمَةٍ غُصَّ بهَا مَعَ خوفِ تَلَفٍ، وَيُقدَّمُ عَلَيْهِ بَوْلٌ (٣).

فَإِذا شرِبَهُ أو احتقنَ بِهِ (٤) مُسلمٌ مُكَلّفٌ مُختَارًا عَالماً أن كَثِيرَه يُسكِرُ حُدَّ (٥)

حُرٌّ ثَمَانِينَ وقنٌّ نصفَهَا.


(١) المسكر: اسم فاعل من: أسكر الشراب إذا جعل صاحبه سكران أو كان فيه قوة تفعل ذلك.
(٢) سواء كان من العنب أو الشعير أو غيرهما.
(٣) فيجوز شرب المسكر لدفع اللقمة التي غص بها ولم يجد غير المسكر، لكن يقدم عليه البول في دفعها.
(٤) أي: أخذه كالحقنة، والاحتقان في المذهب قد يكون في الدبر أو في الدم.
(٥) يشترط في حد المسكر: ١ - كون الشارب مسلماً، فلا يقام هذا الحد على الذمي والمستأمن، ٢ - وكونه مكلفاً، ٣ - ومختاراً، ٤ - وعالماً بأن كثيره يسكر، ٥ - وأن يعلم تحريم الخمر، فإن ادعى الجهل ومثله يجهله - كالناشئ في بادية بعيدة أو حديث عهد بإسلام - قُبل منه؛ لاحتمال صدقه.

(تتمة) هناك خلاف عند الحنابلة في قدر حد المسكر، فالمذهب أن الحد ثمانون جلدة؛ لأن علياً رضي الله عنه لما جلد الوليد بن عقبة أربعين قال: جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكلٌّ سنة، وهذا أحب إليّ، رواه مسلم. والرواية الثانية في المذهب: قال في الإنصاف: (وعنه: أربعون، اختاره أبو بكر، والمصنف، والشارح، وجزم به في العمدة، والتسهيل. وأطلقهما في الهداية، والمذهب، والمستوعب، والهادي، والكافي، والمذهب الأحمد. وجوز الشيخ تقي الدين - رحمه الله - الثمانين للمصلحة وقال: هي الرواية الثانية. فالزيادة عنده على الأربعين إلى الثمانين: ليست واجبة على الإطلاق، ولا محرمة على الإطلاق. بل يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام. كما جوزنا له الاجتهاد في صفة الضرب فيه: بالجريد، والنعال، وأطراف الثياب. بخلاف بقية الحدود. انتهى. قال الزركشي قلت: وهذا القول هو الذي يقوم عليه الدليل).

<<  <   >  >>