(٢) يشترط لصحة الجعالة أربعة شروط: ١ - العلم بالجُعْل برؤية أو صفة إلا إذا قال له: بع ثوبي بكذا وما زاد فهو لك، كما ذكره الغاية هنا اتجاهاً، ووافقه الشطي، ٢ - وكون الجاعل جائز التصرف، ولم يذكره المؤلف، ٣ - وكون العمل الذي رُتب عليه الجعلُ مباحاً، وقال صاحب الغاية: (ويتجه: لا عبثاً كالمشي على الحبل وحمل الأثقال)، فلا يصح أن يجعل مبلغاً لمن يمشي على حبل أو يحمل أثقالاً؛ لأنه يعرض به غيرَه للخطر ولا يستفاد منه، ٤ - أن يكون العمل المجاعل عليه للجاعل لا لغيره إلا إذا كان عملاً صالحاً ويتعدى نفعه، وتقدم تقرير هذا قريباً. (تتمة) حكم بذل العمل من العامل ابتداءً: أكثر ما يذكره العلماء الحنابلة من الصور: أن يبدأ الجاعل في العقد كأن يقول: مَنْ أذَّن في هذا المسجد شهراً فله كذا، أو من رد لقطتي فله كذا، لكن هل يصح أن يبدأها العاملُ ويَعُد نفسه لعمل ما، كأن يعلن عن إقامة دورة في تدريس كتاب (الصلاة) من متن أخصر المختصرات مثلاً، ويدعو الناس إليها ويضع جعلاً له (١٠٠ ريال مثلا) على تدريسه لهذا المتن، ويدفعه الذي سيدرس كتاب الصلاة. فالجعالة في هذه الصورة بدأت من العامل، فهل هذا جائز على المذهب؟
الظاهر: جوازه؛ لما ذكره الماتن هنا: (وإن عمل .. معد نفسه بلا إذن فلا شيء له)، فيُفهم منه: أنه إن عمل معدٌ نفسه عملاً لغيره بجعل بإذن ذلك الغير صح ذلك وجاز، وعبارة المنتهى فيها ذِكرُ الجعل حيث قال: (وإن عمل - ولو المعَدُّ لأخذ أجرة - لغيره عملاً بلا إذنٍ أو جُعلٍ فلا شيء له)، فيفهم منه: أنه إن عمل شخصٌ معدٌ نفسَه للعمل لغيره عملاً بجعلٍ صح ذلك وله الجعل، والله أعلم. (تنبيه) حتى يُميز العقد هل هو عقد إجارة أو جعالة، ينبغي أن يُذكر في أوله أنه إجارة أو جعالة حتى يتبين لزوم العقد إن كان إجارة، أو جوازه إن كان جعالة. وإن كان العمل من الأعمال التي لا تكون إلا قُربة كتعليم العلم الشرعي أو الأذان أو الإمامة، فهي جعالة وإن لم يذكر ذلك في العقد؛ لأنها لا تصح إجارة، والله أعلم. (بحث وتحرير)