للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رِدتُه (١)، وَلَا من مُنَافِق (٢) وساحرٍ (٣).


(١) أي: أسلم ثم ارتد، ثم أسلم ثم ارتد، وهكذا. واختلف الحنابلة في العدد المعتبر في تكرر الردة الذي يوجب عدم قبول التوبة ظاهراً، فأما صاحب الغاية فجعل أقله ثلاثة، فلا تقبل توبته في الردة الرابعة كالعادة في الحيض لا تثبت إلا في الشهر الرابع، وأما الشيخ منصور فنقل عن الإنصاف الاكتفاء بمرتين، فلا تقبل توبته في الردة الثالثة، ولعل الأول هو المذهب؛ لقوله تعالى: {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً} [النساء، ١٣٧]، وازدياد الكفر يقتضي كفراً متجدداً، ولا بد من تقدم الإيمان عليه. (خلاف المتأخرين)
(٢) وهو: الذي يُظهر الإسلام ويبطن الكفر، فلا يمكن معرفة توبته؛ لأن ظاهره مسلم فما الذي سيظهره غير ذلك حتى تعلم توبته؟ قال البهوتي في شرح المنتهى: (والزنديق: لا يعلم تبين رجوعه وتوبته؛ لأنه لا يظهر منه بالتوبة خلاف ما كان عليه، فإنه كان ينفي الكفر عن نفسه قبل ذلك وقلبه لا يطلع عليه).
(٣) فلا تقبل توبته في الظاهر؛ لحديث جندب رضي الله عنه: «حد الساحر ضربة بالسيف». والساحر تصعب توبته؛ لأن الجن لا تتركه، وإذا قُبض عليه فقد يتوب أمام الناس كي يُترك. والمراد بالساحر هنا: من يكفَّر بسحره، لا من عنده خفة يد.

(تتمة) توبة الكافر: لا يخلو: إما أن يكون كفره أصلياً، فتوبته تحصل بما يلي: بالنطق بالشهادتين، أو بقوله: أنا مسلم، أو: أسلمت، أو: أنا مؤمن. وإن كان مرتداً فلا يخلو: إن كان كفره بجحد فرض، فتوبته مع ما تقدم: أن يقر بما جحده، وإلا فتوبته كتوبة الكافر الأصلي. والله أعلم.

<<  <   >  >>