للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٠ - أبنا أبو داود عن مروان الأصفر أن ابن عمر رضي الله عنهما- أناخ راحلته مستقبل القبلة يبول إليها، فقلت: يا عبد الله أليس قد نهي عن هذا؟ قال: بلى، إنما نهي عن هذا في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس (١).

ودلت هذه على جواز استقبالها بهما لهما (٢) - وهو مذهب عروة بن الزبير وحماد وربيعة ورأوها محكمة ناسخة لتلك لتأخرها بدليل قبل موته بعام.

والحق أنها قاصرة عنها لرجحان تلك بالكثرة.

وقال الشعبي والشافعي وإسحاق الحنظلي: الكل محكم، ويجمع بينهما (٣) بتنزيل الحرمة أو الكراهة على الصحراء، والجواز في البنيان لقرينة البيت، وتفسير ابن عمر - رضي الله عنهما- والفرق أن الصحارى متعبد الملائكة والإِنس والجن (٤). والبنيان حائل.


(١) أخرجه أبو داود في السنن كتاب الطهارة الباب المتقدم ١/ ٢٠ رقم ١١ وسكت، وكذلك المنذري في مختصر السنن ١/ ٢١، وكذلك ابن حجر في التلخيص ١/ ١٠٤ وحسنه الحازمى في الاعتبار ص ٤٠ والحديث من رواية الحسن بن ذكوان أبو سلمة البصري وهو صدوق يخطئ رمي بالقدر وكان يدلس. انظر: تقريب التهذيب ص ٧٠ ترجمته، وهو من رجال البخاري وقد روى هذا الحديث بالعنعنة عن مروان الأصفر. وأخرج هذا الحديث الدارقطني في السنن ١/ ٥٨، وابن الجارود في المنتقى ص ٢١ رقم ٣٢ والحاكم في المستدرك ١/ ٣٥ وقال: على شرط البخاري، ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١/ ٩٢، وابن خزيمة في صحيحه ١/ ٣٥ رقم ٦٠، وفي شرح السنة للبغوي ١/ ٣٦١.
(٢) لم يظهر عود الضمير الأخير على ماذا فالأول للقبلة والثاني للبول والغائط. وهو هكذا في المخطوطة. وكأنه يريد به القبل والدبر.
(٣) هذا الجمع هو مذهب جمهور العلماء من السلف والخلف، ولا يوجد ناسخ ولا منسوخ في هذه الأحاديث.
انظر: صحيح ابن خزيمة ١/ ٣٤، ومعالم السنن للخطابي ١/ ٢١ - ٢٢ مع تهذيب السنن لابن القيم وفتح الباري ١/ ٢٤٥ - ٢٤٦، والتلخيص الحبير ١/ ١٠٤، وشرح مسلم للنووي ٣/ ١٥٤ - ١٥٥، والمجموع للنووي ٢/ ٨٤ - ٨٥، والاعتبار للحازمي ص ٣٨ - ٤٠، وشرح السنة للبغوي ١/ ٥٦١، وشرح معاني الآثار للطحاوي ٤/ ٢٣٥ - ٢٣٦، والسنن الكبرى للبيهقي ١/ ٩٢، وجامع الترمذي ١/ ٦٥، فقد مال معظمهم إلى الجمع بين هذه الأحاديث بنحو ما ذكره المصنف مع ذكر المذاهب المخالفة في ذلك، وانظر نيل الأوطار ١/ ٩٢ - ١٠١.
(٤) روى الدارقطني في السنن ١/ ٦١، والبيهقي ١/ ٩٢، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٣٦، حديثًا في هذا المعنى، وذكره النووي في المجموع ٢/ ٨٦ عن الشعبي أن القبلة متعبد الملائكة. وقال النووي: والصحيح ما رواه الدارقطني في السنن ١/ ٦١ عن طاووس مرسلًا (إذا أتى أحدكم البراز فليكرمن قبلة الله فلا يستقبلها ولا يستدبرها). وجعل هذا علة النهي عن استقبال القبلة بالبول والغائط. وانظر: معرفة السنن والآثار للبيهقي ١/ ٢٦٨.

<<  <   >  >>