للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "والخير بيديك": ثَنّى "اليَد" هُنا، كَما ثُنيت في قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٤] (١)، وهو مُؤوّل، إمّا بمعنى القوّة وشدّة البطش، أو عبارة


(١) قال ابنُ عبد البر: "والنجاة في هذا الانتهاء إلى ما قال الله - عز وجل - ووصف به نفسه بوجه ويدين وبسط واستواء وكلام. . . فليقل قائل بما قال الله، ولينته إليه ولا يعدوه ولا يفسره، ولا يقل: كيف؟ فإن في ذلك الهلاك؛ لأن الله كلف عبيده الإيمان بالتنزيل، ولم يكلفهم الخوض في التأويل الذي لا يعلمه غيره. . . من نظر إلى إسلام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وسعد وعبد الرحمن وسائر المهاجرين والأنصار وجميع الوفود الذين دخلوا في دين الله أفواجًا علم أنّ الله - عز وجل - لم يعرفه واحد منهم إلا بتصديق النبيين. . . ولو كان النظر في الحركة والسكون عليهم واجبًا وفي الجسم ونفيه والتشبيه ونفيه لازمًا ما أضاعوه، ولو أضاعوا الواجب ما نطق القرآن بتزكيتهم وتقديمهم، ولا أطنب في مدحهم وتعظيمهم، ولو كان ذلك من عملهم مشهورًا أو من أخلاقهم معروفًا لاستفاض عنهم ولشهروا به كما شهروا بالقرآن والروايات. . . لا يقولون: كيف يجيء؟ وكيف يتجلى؟ وكيف ينزل؟ ولا من أين جاء؟ ولا من أين تجلى؟ ولا من أين ينزل؟ لأنه ليس كشيء من خلقه، وتعالى عن الأشياء، ولا شريك له".
انظر: التمهيد (٧/ ١٥١ وما بعدها).
ويقول ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (٢/ ٢٢٢ وما بعدها، ٥٩٨): "ثم المثبتون للصفات منهم من يثبت الصفات المعلومة بالسمع، كما يثبت الصفات المعلومة بالعقل، وهذا قول أهل السنة الخاصة - أهل الحديث ومن وافقهم - وهو قول أئمة الفقهاء، وقول أئمة الكلام من أهل الإثبات، كأبي محمد بن كلاب وأبي العباس القلانسي وأبي الحسن الأشعري وأبي عبد الله بن مجاهد وأبي الحسن الطبري والقاضي أبي بكر بن الباقلاني، ولم يختلف في ذلك قول الأشعري وقدماء أئمة أصحابه. لكن المتأخرون من أتباعه - كأبي المعالي وغيره - لا يثبتون إلا الصفات العقلية، وأما الخبرية - كالوجه واليدين والاستواء - فمنهم من ينفيها، ومنهم من يتوقف فيها، كالرازي والآمدي وغيرهما. ونُفاة الصفات الخبرية منهم من يتأوّل نصوصها، ومنهم مَن يفوض معناها إلى الله.
وأمّا مَن أثبتها كالأشعري وأئمة أصحابه، فهؤلاء يقولون: تأويلها بما يقتضي نفيها =

<<  <  ج: ص:  >  >>