للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ذلك ابن عطيّة وأبو البقاء (١).

قال الزّمخشري في الجواب أيضًا عن سيبويه: الكلام العربي الفصيح يقتضي أن الظرف الذي هو لغوٌ لا يكون إلا مُؤخّرًا، ولم يأت هنا الظرف لغوًا، إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات الباري سبحانه، وهذا المعنى مَحَطّهُ وتَرَكُّزُه هو هذا الظرف، فكان لذلك أهم شيء وأعناه وأحقّه بالتقديم وأحراه (٢).

قال الشّيخ أبو حيّان: يرتفع هذا السؤال من أصله بأنّ الظرف المتقدّم على النكرة إنما يختار أن يكون خبرًا إذا صلح لذلك، نحو: "ليس فيها أحد خير منك"؛ لأنّ "فيها" يصلح أن يكون خبرًا على حدة؛ لأنّه تام، و"له" في الآية لا يصلح أن يكون خبرًا لـ"كان"، بل هو متعلّق بـ "كفوًا"، وتقدّم على "كفوًا" للاهتمام به؛ لأنّ فيه ضمير الباري تعالى. فالمجرور هنا ناقص لا يصلح أن يكون خبرًا و"كان"، وعلى هذا فيبطل سؤال المبرد وإعراب مكي وابن عطيّة وسؤال الزمخشري وجوابه، ويصحّ كلام سيبويه - رحمه الله -، لأنّه إنما اختار الخبرية مع التقديم في الظرف التام، لأنه مثَّل بقوله: "ما كان فيها أحد خير منك"، و"ليس فيها أحد خير منك"، إذا جعلت "فيها" مستقرًا، ولم [يجعله] (٣) على حد قولك: "فيها زيد قائم"، إذا أجريت الصفة على الاسم، فإن جعلته على حد قولك: "فيها زيد قائم" أجزت الصفة ونصبت، فتقول: "ما كان فيها أحد خيرًا منك"، لأنك إذا أردت الإلغاء كان "التأخير" (٤) أحسَن، وإذا أردت أن [تكون] (٥) مستقرًا كان تقديمه أحسَن، والتقديم والتأخير والإلغاء والاستقرار عَربي جيّد كثير. قال الله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (٦)


(١) انظر: البحر المحيط (١٠/ ٥٧٢).
(٢) انظر: تفسير الزمخشري (٤/ ٨١٨، ٨١٩).
(٣) في (ب): "تجعله".
(٤) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(٥) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(٦) بالأصل: "لم يكن".

<<  <  ج: ص:  >  >>