للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أفعل" التفضيل في الحديث الأوّل من "الصّلاة".

واستُعمل "أفعل" التفضيل هنا بـ "مِن"، فمنهم مَن جَعَلَها للتبعيض، ومنهم مَن جعلها للابتداء (١).

قوله: "إلّا مَن صنع مثل ما صنعتم": "مَنْ" موصولة، والعائد عليها الفاعل في الصّلة، ومحلّها رفع بدَلًا من "أحَد". ويجوز النّصب على الاستثناء.

قوله: "مثل": منصوبٌ على الحال من مصدر مفهوم من الفعل المتقدّم المحذوف بعد الإضمار على طريق الاتساع، أي: "إلا من صنع الصنع في حال كونه مثل صنعكم". هذا اختيار أبي حيّان وابن مالك فيما [وَرَد من] (٢) هذا، كقولهم: "سار شَديدًا" و"حثيثًا"، وحكَوا هذا عن مذهب سيبويه، وعَدَلوا عن إعراب المتقدّمين، إذ جَعلوه نعتًا لمصدَر محذُوف، أي: "سار سيرًا شديدًا"، و "سيرًا حثيثًا" (٣)، لأنّه يلزَم من تقدير الموصُوف حذفه في غير المواضع المستثناة (٤)، مذكُورة في الثّامن من "باب صفة الصّلاة".

"قالوا: بلى": "بلى" حرفٌ لإيجاب النفي مجردًا عن الاستفهام ومقرونًا به، وقد جاء هنا مقرونًا بالاستفهام. ومنه قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}


(١) وقيل: إنها للمجاوزة، فإن القائل "زيد أفضل من عمرو"، كأنه قال: "جاوز زيد عمرا في الفضل". انظر: توضيح المقاصد (٢/ ٩٣٤)، وشرح التسهيل (٣/ ١٣٤، ١٣٥).
(٢) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(٣) انظر: البحر المحيط (١/ ١١٠)، شرح التسهيل (٢/ ١٨٣).
(٤) قال أبو حيان: "وتلك المواضع أن تكون الصفة خاصة بجنس الموصوف، نحو: مررت بكاتب ومهندس، أو واقعة خبرًا، نحو: زيد قائم، أو حالًا، نحو: مررت بزيد راكبًا، أو وصفًا لظرف، نحو: جلست قريبًا منك، أو مستعملة استعمال الأسماء، وهذا يحفظ ولا يقاس عليه، نحو: الأبطح والأبرق". انظر: البحر المحيط (١/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>