للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد جاءت "في" بمعنى "إلى" ومُرادفة لها في قوله تعالى: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} [إبراهيم: ٩] (١).

ويحتمل أن يتعلّق "في" بحال، أي: "فسجد مُستقرًا في أصل المنبر"، أي: "جعل سُجوده بين قوائم المنبر".

قوله: "ثُم عَاد إلى محلّه من المنبر": فتعدّى الفعل بـ "إلى".

قوله: "حتى فرغ من صلاته": يتعلّق بـ "عاد". وتقدّم الكلام على "حتى" في الحديث الثّاني من أوّل الكتاب. و"فرغ" لازم، لا يتعدّى.

يُقال: "فَرَغ من الشغل"، "يفْرُغ" بضم "العين"، "فُروغًا" و "فراغًا". ويُقال: "فَرِغ الماءُ" بالكسر "يَفْرَغ"، "فراغًا"، مثل: "سَمِع، يسمَع، سماعًا"، أي: "انصبَّ" (٢).

قوله: "من آخر صلاته": لو قال: "من صلاته" أدَّى المعنى، ولكنه ضمَّن "فرَغ" معنى "انتهى"، [أي: "حتى انتهى] (٣) إلى آخر صلاته".

ويحتمل أن تكون الإشارة إلى الأحوَال والانتقالات في الصّلاة؛ [إذْ] (٤) كان منها ما هو على المنبر، ومنها ما هو أسفل منه، وآخر صلاته - صلى الله عليه وسلم - كان على الأرض أسفَل المنبر، فقال: "من آخر صلاته" مُراعاة لهذا المعنى. والله أعلم.

قوله: "ثُم أقبَل على الناس": "ثُم" هنا على بابها من الترتيب.

وذكر الإقبال؛ لأنّ قبله كان ظهره إليهم. يُقال: "أقبل" و"قبل على الناس"


(١) انظر: تفسير القرطبي (٩/ ٣٤٥)، والبحر المحيط (٦/ ٤١٢).
(٢) انظر: الصحاح للجوهري (٤/ ١٣٢٤)، ولسان العرب (٦/ ٤٤٥)، وتاج العروس (٢٢/ ٥٤٤).
(٣) مكررة في (ب).
(٤) في الأصل "إذا" ومكررة فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>