للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالرسل جميعًا أول ما دعوا أقوامهم إلى إخلاص العبادة لله وحده دون ما سواه، وهذا يدل على أنه أول واجب على المكلفين؛ لأن من تمام البلاع أن يأمروا أقوامهم بأول ما أوجبه الله عليهم.

ومن السُّنَّة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: في وصيته لمعاذ - رضي الله عنه - حين بعثه إلى اليمن: "إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ... " الحديث (١).

وأما الاجماع: فقد أجمع سلف الأمة وأئمتها على أن أول ما يؤمر به العبد إفراد الله بالعبادة.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحِمهُ الله: "السلف والأئمة متفقون على أن أول ما يؤمر به العباد الشهادتان، ومتفقون على أن من فعل ذلك قبل البلوغ لم يؤمر بتجديد ذلك عقب البلوغ" (٢).

كما أجمعوا على أن الكافر إذا قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فقد دخل في الإسلام، وهذا يدل على أن ذلك أول الواجبات.

يقول الإمام ابن المنذر (٣) رحِمهُ الله: "أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن الكافر إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وأن كل ما جاء به حق، وأبرأ إلى الله من كل دين يخالف الإسلام، وهو بالغ صحيح يعقل أنه مسلم" (٤).

ويقول العلامة ابن القيم - رحِمهُ الله: "أجمع المسلمون على أن الكافر إذا قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فقد دخل في الإسلام" (٥).


(١) أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب أخد الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا (١/ ٤٤٦ - ٤٤٧) برقم (١٤٩٦)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (١/ ٥٠) برقم (٢٩) من حديث ابن عباس رضى الله عنهما به.
(٢) درء التعارض (٨/ ١١ - ١٢).
(٣) هو محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري الشافعي، أبو بكر، إمام محدث فقيه، له مصنفات منها: الأوسط، والإجماع، والإشراف في اختلاف العلماء، توفي سنة ٣٠٩ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (١٤/ ٤٩٠)، شذرات الذهب (٢/ ٢٨٠).
(٤) الإجماع (ص ١٥٤).
(٥) مدارج السالكين (٣/ ٤٢١).

<<  <   >  >>