للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشاركه في ذلك قبور الأنبياء والأولياء، فيرد عليه بنظير قوله في الاستحباب وهو أنه إذا بطل استحباب شد الرحال لقبره -صلى الله عليه وسلم- فقبر غيره من باب أولى؛ "إذ قبر نبينا منها أولى وأحق وأعلى، بل لا نسبة بينه وبين غيره".

وكذا قوله بأن استحباب الزيارة وشد الرحال إليها لا يختص بالرجال وحدهم بل يشاركهم في ذلك النساء.

فيجاب عنه: بأن أهل العلم استحبوا زيارة القبور للرجال، بل حكى بعضهم الإجماع على ذلك (١)، وأما النساء فقد اختلفوا في مشروعية الزيارة في حقهن على أقوال، والقول الصحيح -والله أعلم- هو القول بتحريم زيارة القبور لهن (٢)، ويدخل في ذلك قبره -صلى الله عليه وسلم-، إذ لا وجه لتخصيص النهي عن ذلك بغير قبره -صلى الله عليه وسلم- لعموم الأدلة وعدم وجود المخصص (٣).

وأما شد الرحال إلى القبور فقد تقدم أن القول الصحيح الذي تعضده الأدلة ولا تدل على سواه هو تحريم شد الرحال إلى القبور وهذا الحكم عام في حق الرجال والنساء.

وما حكاه ابن حجر -عفا الله عنه- عن شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ- وشنع به عليه من القول بتحريم الزيارة وإنكارها مطلقًا، مردود بكون شيخ الإسلام لم ينكر استحباب زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير شد رحل، بل أنكر الزيارة مع شد الرحال وفرق بين الأمرين، ثم هو في قوله هذا متبع لقول الجمهور وأهل العلم المتقدمين -كما سبق- فالإنكار عليه إنكار عليهم، والتشنيع عليه تشنيع عليهم (٤).


(١) قال النووي في المجموع (٥/ ٣١٠): "وهو قول العلماء كافة، نقل العبدري فيه إجماع المسلمين"، وتعقبه ابن حجر في الفتح (٣/ ١٤٨) بثبوت القول بكراهة الزيارة مطلقًا عن بعض التابعين.
(٢) انظر: حاشية ابن عابدين (٢/ ٢٤٢)، والمجموع للنووي (٥/ ٢٨١ - ٢٨٢)، والمغني لابن قدامة (٣/ ٥٢٣ - ٥٢٤).
(٣) انظر: مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (٣/ ٢٣٩ - ٢٤٥) (٦/ ١٢٩ - ١٣٠)، وجزء زيارة النساء للقبور للشيخ بكر أبو زيد (ص ١١ - ١٣).
(٤) انظر: الصارم المنكي (ص ١٨)، جلاء العينين للألوسي (ص ٥٧٧)، شفاء الصدور للكرمي (ص ١٦٧ - ١٦٨)، الكشف المبدي (ص ١١٨ - ١١٩).

<<  <   >  >>