للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي أوقع ابن حجر في فهمه الخاطئ لكلام شيخ الإسلام في ذلك، هو تقليده لغيره ومتابعته له على قوله، ومنهم العز بن جماعة وأبو الحسن السبكي اللذين استدل بقولهما وأشاد بهما.

يقول العلامة مرعي الحنبلي (١) -رَحِمَهُ اللهُ-: "ومن العجب أن ابن تيمية - رحمه الله تعالى- قائل بزيارة القبور حتى قبور الكفار ... وكتبه في الفقه ومناسكه في الحج مصرحة بذلك (٢)، ومع هذا فتجد كثيرًا من المتعصبين وممن يستحل الوقعية في أئمة الدين ينقلون عنه القول بتحريم زيارة قبور الأنبياء والصالحين، إما جهلًا أو بغضًا وعنادًا ممن شاع عنه ذلك في الأصل ثم قلده في ذلك من لا يحتاط لدينه ونسي قوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] ... فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن لا يفضحنا يوم تبلى السرائر، وأن يجعلنا من المتأدبين مع الأئمة الأكابر" (٣).

الثاني: ما ينافي توحيد الألوهية أو يقدح فيه من الأقوال:

١ - الحلف بغير الله:

يرى ابن حجر -عفا الله عنه- كراهة الحلف بغير الله إذا كان الحالف لا يعتقد تعظيم المحلوف به كتعظيم الله، فإن كان يعتقد في المحلوف به ذلك فإن الحلف به يكون حينئذ كفرًا مخرجًا من الملة.

يقول في ذلك: "يكره الحلف بغير أسماء الله تعالى وصفاته كالنبي -صلى الله عليه وسلم-


(١) هو مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن أحمد الكرمي المقدسي، من فقهاء الحنابلة المتأخرين، له تصانيف منها: أقاويل الثقات في تاويل الأسماء والصفات، وتحقيق البرهان في إثبات حقيقة الميزان، ودليل الطالب لنيل المطالب، توفي سنة ١٠٣٣ هـ.
انظر: خلاصة الأثر (٤/ ٣٥٨)، الأعلام (٧/ ٢٠٣).
(٢) انظر: منسك شيخ الإسلام ضمن مجموعة الرسائل الكبرى (٢/ ٣٧٥)، ومجموع الفتاوى (٢٦/ ٩٨).
(٣) شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور (ص ١٦٧ - ١٦٨)، وانظر: جلاء العينين للألوسي (ص ٥٧٧ - ٥٩٩)، والكشف المبدي للفقيه (ص ٦٢، ١٣٤، ١٩٤)، وأوضح الإشارة للنجمي (٤٠٦)، وللاستزادة: دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام عرض ونقد د. عبد الله الغصن (ص ٣٢٣) وما بعدها.

<<  <   >  >>